حوار مع القاصة الجزائرية رقية هجريس

تقرأون حوار الكاتب الصحفي جمال بوزيان مع الأديبة رقية هجريس؛ عبر صحيفة «البديل»؛ العدد 107؛ الصادر يوم الاثنين 28 جمادى الأولى 1440 هـ الموافق 4 فبراير 2019 م؛ الصفحة رقم 10.

الأديبة رقية هجريس في حوار لـ”البديل”

حاورها/الكاتب الصحفي جـمال بوزيان

الثقافة لَم تنل اهتماما كبيرا في العالَم العربي
وجدتُ التشجيع من الأديبة زهور ونيسي الوزيرة السابقة ومن أساتذتي
يجب توفير الأجواء المناسبة والمؤسسات التي تَرعَى الإبداع وتدعمه

من مدينة عين البيضاء بولاية أُمّ البواقي، أَستضيفُ أديبة جزائريّة؛ قرأتْ لكُتَّاب كثيرين، منهم جبران خليل جبران، ومصطفى لطفي المنفلوطيّ، وطه حُسين، ونجيب محفوظ، ومي زيادة، وسميرة بنت الجزيرة… وغيرهم.
يأسرها الشِّعرُ إلى فضاءاته الواسعة فيتدفّق منها مُطيعًا خيالها؛ وتأسرها القصّةُ فتكتبُ ما تشاء من واقع ليس كالواقع؛ وإنْ يكُ ممزوجًا بالخيال فتصنعُ في الفواتحِ كما الخواتمِ البهجةَ منَ الوجع فتسعد الطّبيعة وتشدو الطّيور… إضافة لزادها المعرفيّ ورصيدها اللّسانيّ “اللّغويّ” اللّذيْن يَجعلان منها راقية في إبداعها؛ ولا تَهجر القلم والكِتاب؛ ولا تَهجر سورة يس؛ في اسميها الاثنين ما يُشير لذلك توافقًا مع واقعها… سألتُها عن موضوعات أدبها؛ وعنِ الـمُلتقيات الّتي حضرتَها؛ وأقوال النّقّاد في أعمالها؛ والتّكريمات التّي حظيتْ بها؛ وعن تَفاعلِ الكاتبِ مع قضايا مُجتمَعه؛ والكُتّاب اللّاجئين في العالَم.
تَنشُر اليومَ “البديل” حواري الصّحفيّ مع الأديبة رقيّة هجريس… قراءة ماتعة نافعة.

مَرحبًا بِكِ.
أهلا بكَ وبصحيفة “البديل”.
مَن هي رقيّة هجريس؟
رقية هجريس، أديبة جزائرية تكتب القصة والشِّعر وقصص الأطفال.. الكتابة متنفسها الوحيد، القرطاس أنيسها، وخير جليسها.. أما القلم فهو من دوَّن أفكارها، وله الفضل في حفظ ذاكرتها من الضياع.
مَن شجّعكِ على الكِتابة؟
وجدتُ الاهتمام من أساتذتي، والأديبة زهور ونيسي الوزيرة السابقة، نشرتْ لي بعض النصوص في مجلة “الجزائرية”، ونشرتُ في صحيفتي “المساء” و”النصر” بتشجيع أيضا من إدارتيهما.
ما هي موضوعات قصصكِ؟
السياق الذي تتناوله نصوصي اجتماعي، تربوي، ثقافي.. من صميم الواقع المعيش.
حدِّثينا عن مؤلَّفاتكِ؟
لديّ مؤلفات في القصة القصيرة، “ابنة التربية” هي باكورة أعمالي القصصية، ثم “أطياف قصصية”، و”هؤلاء”.. وفي القصة القصيرة جدا؛ لديّ “مقابيس من وهج الذاكرة”، و”زخات حروف”، و”للوجع ظلال”.. وفي الشِّعر، لديّ “نسائم على ضفاف الشِّعر”.. وللأطفال، لديّ قصص “عرس الطبيعة”، و”لمن تصدح الطيور؟”، ومخطوطات أخرى تنتظر النور. ما هي الـمُلتقيات الّتي حضرتِها؟ وهلْ كُرِّمتِ؟
حضرتُ ملتقيات محلية منذ 2007 م، في عدة ولايات، وحضرتُ “مهرجان أدب وسينما المرأة” بمدينة سعيدة عامي 2014 م و2015 م، وحضرتُ “مهرجان القصة القصيرة جدا” بمدينة الناظور بالمملكة المغربية أيام 14 و 15 و 16 مارس 2015 م، و”مهرجان القلم الحر” بمدينة الفيوم بِجُمهورية مصر العربية شهر مارس 2017 م، حيث كرمني المهرجان عن فوز قصتي “نداء”، واستضافتني “إذاعة أم البواقي” في برنامج “في أحضان الشاوية” وكرمتني يوم 18 نوفمبر 2017 م، وكرمني أيضا “مهرجان القلم الحر” في مدينة الفيوم بِجُمهورية مصر العربية، يوم 4 مارس 2018 م عن حصول قصتي “عيون جائعة” على المرتبة الثالثة.
وحضرتُ “مهرجان البحر ينشد شِعرًا بمدينة الـمنستير بالـجُمهورية التونسية يومي 8 و 9 سبتمبر 2018 م.
وقد قرأ يوم 4 نوفمبر 2018 م الشّاعر المصري الكبير الدكتور جمال مرسي قصيدتي “على شرفات الأنين” في إحدى نشاطات “منتديات قناديل الفكر والأدب” الّتي يُديرها؛ وهي مسجلة في الموقع الإلكتروني “يوتيوب”، وهذا تكريم لي أيضا، أعتز به.
وكرمني السيد مدير الثقافة لولاية أم البواقي نيابة عن الوالي السابق أثناء “الملتقى المغاربي للقصة القصيرة جدا” الذي نُظِّم يومي 10 و 11 نوفمبر 2018 م في سينما النصر بمدينة عين البيضاء.
ماذا قال النّقّاد عن أعمالكِ؟ وما رأيكِ في أدب دون نقد؟
قدّم لي الناقد المغربي الدكتور مسلك ميمون مجموعتي القصصية “زخات حروف” يوم 22 جوان 2014 م، حيث قال: “القاصة رقية هجريس قدمتْ مجموعة قصصية، تشهد نصوصها أنها خطت خطوات قصصية فنية على درب هذا الفن الصعب قياسا لمجموعاتها السابقة، اعتنت بالحكي إذ لا قصة دون حكي، وعملتْ على صياغة لغتها القصصية بشكل فني تناسقي متناغم وروح القص، وفنية الكتابة..كما كان لها اشتغال جاد في بناء القفلة والعناية بها.. وأبلتْ بلاء حسنا في اعتماد المفارقة التي زانت النصوص بمتعة أساسها الدهشة والغرابة والتأمل.. والنصوص- مع ذلك- حُبلَى بغير ما وقفنا عليه، تبشر بعطاء قصصي ثري.. وهي قاصة جريئة وموهوبة”.
أما الناقد المغربي الثاني الدكتور نور الدين الفيلالي؛ قال يوم 14 جانفي 2017 م: “إن القاصة رقية هجريس استطاعت من خلال مجموعتها القصصية “للوجع ظلال” أن تخط لنفسها أسلوبا قصصيا متميزا في القصة القصيرة جدا.. حيث أضافت بصمة قصصية في هذه المجموعة باعتمادها على الأفعال وظروف الزمان والضمائر، وهو ما يعطيها مكانة متميزة على مستوى كتابة القصة القصيرة جدا بالجزائر والعالَم العربي ككل”.
بشأن النقد، هو عِلم وفن، يرافق الأدب في كل فنونه، رواية وقصة وشِعرًا.. ليس من اليسير أن نجبر النقاد على قراءة الأعمال ونقدها.. هُم أحرار في اختياراتهم.
اختاري قصّة قصيرة للقرّاء.
أختار “طلب منه أن يُعجِّل بتثبيت المفعول به.. ركض الفعل بغبائه.. أناب الفاعل ووفى.. اصطدم بالأبواب المغلقة”.
ما هو مُستقبَل القصّة القصيرة بعْد الانتشار الواسع للرّواية؟ وألا تُفكِّرين في كتابة الرّواية؟
للقصة كتابها وقراؤها، لن يؤثر عليها انتشار الرواية.. إن الرواية فن، كتابتها تحتاج حقائق وأدلة وبحثا ووقتا طويلا وصبرا ونقدا.
أيُّ شِعرٍ تَكتبين؟
كتبتُ الشِّعر الحر والعمودي.
إبهاركِ وإمتاعكِ وقوَّتكِ في شِعركِ أَمْ في قصصكِ، مبنًى ومعنًى؟
بدايتي في الكتابة كانت شِعرًا.. ثم مِلتُ للسرد؛ قصصًا وخواطر، ولم أتحرر من الشِّعرية في كتاباتي.. حتى قصصي القصيرة جدا لا تخلو من الشاعرية.. يقول الأديب الطاهر يحياوي حول
مجموعتي القصصية “للوجع ظلال”: “إن المجموعة القصصية “للوجع ظلال” شاعرية إلى حد النخاع لكاتبة تجاوزتِ التميز إلى الاستواء على حد ابتهاج النص على يديها، وهي تخرجه لفحات مضمخة بالروح.. إنها رقية هجريس التي أصبحت في ذات الزمن توأم الكتابة والانتحار على صليل اليراع”.
وكتب الأستاذ النّاقد حبيب مونسي عن قصة قصيرة جدا من مجموعتي “زخات حروف” بعنوان: فقيرتان، الصفحة الـ22 :”الرؤية والتكثيف (الومضة) الفن المطل على بؤر التوتر النفسي والوجودي.. هكذا تقف رقية هجريس على عتبات فن جديد يقتبس من “التوقيعية” الشِّعرية خفتها ورشاقتها، ومن قصيدة “الـهايكو” بعض رمزيتها وتكثيفها، ويسرح قليلا في درب السرد، ليقدم المشهد في بؤرة تمثل التوتر الدرامي في أشده.. القصة:”عادت من سهرة، تتماوج وقهقهات هستيرية.. أطلتِ الأخرى تتفقدها، خُيِّل إليها أنها جوهرة في محار، تتألق وسط صدفة.. عند ما رفعتْ فروها المضمخ، غمرها القيء”.
ما نصيب الخيال والواقع في قصصكِ وأشعاركِ؟
لا تخلو القصائد من الخيال والواقع معا، كل قصيدة في أي غرض من الأغراض لابد أنها واقع وخيال، فزواج الواقع بالخيال ينجب قصيدة. الشيء نفسه للقصة، الخيال أبوها والحياة أمها.
اتحفي القرّاء من شِعركِ.
أوّل قصيدة كتبتُها عن فلسطين بعنوان “إلى مشعل الثورة في فلسطين”.
لا تغرب.. لا تغرب
يا مشعل الوغى.. حطم
ثم خرب..
في الربوع العربية من أرض فلسطين..
لا تغرب
جدد العهود عربية مؤمنة..
وتسرب..
مزق الرجعية واضرب..
حصون الأعداء..
قرب.. ثم قرب..
وإن لاح ضياء النصر..
فقرب
ودرب واغضب.. لا تغرب
سوف تطرب..
بقوة الاتحاد والإيمان حارب

وهذا مقطع من قصيدة “تيهي يا نخلة”.
تيهي بالعذق والجريد
واغرقي في التيه…
ذا زمن المتاهات..
اغرقك..اغرقنا
وكل تائه غريق..
أمطري دبسا يسقينا
اشرقي نورا يهدينا..
مدي الجدائل جرينا
اسحبينا.. ريشا.. ريشات
يماما..يمامات..
أو أوراق خريف..
بعثرينا.
هلْ تَنشطين في جمعيات ثقافيّة؟
أجل، حاليًا رئيسة “جمعية جسور الثقافة والإبداع” بولاية أم البواقي.. حيث قدمت أمسيات أثناء “الملتقى المغاربي للقصة القصيرة جدا” الذي نُظِّم تحت شعار “القصة القصيرة جدا بين التأسيس والتأصيل” بدعم من وزارة الثقافة، وتنسيق مع مديرية الثقافة لولاية أم البواقي.. وفي إطار المشروع الجمعوي للشباب المدعم من وزارة الشبيبة والرياضة، قامت رئيسة الجمعية بعدة ورشات تكوينية في مهارات الكتابة الإبداعية والقراءة موجهة للتلاميذ، حيث نظمت رحلة ثقافية سياحية لولاية جيجل تزامنا مع عيد الاستقلال يوم 5 جويلية 2018 م.. ونظمت أيضا تظاهرة التنشيط التربوي والاجتماع في موضوع “المطالعة وأهميتها” تحت شعار “قارئ اليوم مبدع الغد” يومي 26 و27 أكتوبر 2018 م، ونظمت محاضرات وورشة تكوينية لـ30 شابا من مراحل التعليم الثلاثة.
ما رأيكِ في الحركة الثّقافيّة في العالَم العربيّ؟
الحركة الثقافية في العالَم العربي نشطة جدا، وعلى المسؤولين توفير الأجواء المناسبة، والمؤسسات التي تَرعَى الإبداع وتدعم المبدعين.
وجِّهي رسالة إلى وزراء الثّقافة العرب.
بصراحة، الثقافة لَم تنل حظها من الاهتمام الواجب، أن تحظى به في كثير من دول العالَم العربي وخاصة الجزائر.. الجمعيات الثقافية مهمشة، ولا تحصل على الدعم المالي لانجاز مشاريعها.. أيضا الحصار المفروض على الثقافة والمثقفين،كلها عوائق للنهوض بالثقافة.. حين نَعرفُ متى يُحاصَر المثقفون والثقافة؟ نَعرفُ لماذا يُحاصَرون؟.
هلْ تَرينَ تَفاعلَ الكاتبِ مع قضايا مُجتمَعه واجبًا؟
الكاتب ابن بيئته، يتفاعل معها، تؤثر فيه، ويتأثر بها، ويدافع عن الصالح العام.
ماذا تقولين للكُتّاب اللّاجئين في العالَم؟
إنّ حُبَّ الوطن من الإيمان، وعلى كل غريب أن يعود إلى أحضانه.
ما هو آخرُ كِتابٍ قرأتِه أو تَقرئينه حاليًا؟
قبْل ذلك، في سن الخامسة، حفظتُ تسعة أحزاب من القرءان الكريم، وحاليًا أهتم بتدبر المعنى والحفظ معًا كلّ يوم.. أقرأ المجموعة القصصية “حائك العتمات” للقاص المغربي علي بن ساعود.
سعيدٌ بكِ اليومَ؛ كرمًا لا أمرًا اختمِي الـحوار.
ختامًا، شكرًا لكَ الصحفي جمال بوزيان على هذا الحوار الشائق.. ممتنة لكَ بأسمَى عبارات المودة والشكر والتقدير، ومن خلالكَ أحيي مديري صحيفة “البديل” وجنود الخفاء المشرفين على التحرير والإعداد والإخراج.. وفقكم الله في مهامكم النبيلة، ودمتم بخير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.