تعوّدنا في الحروب العربية مع إسرائيل أن نعدّ أيام القتال على أصابع اليد الواحدة ونادراً ما كنا نستقرض من أصابع الرجل اليمنى يوماً أو يومين حتى نسمع صرير الدبابات المصابة ،وناقلات الجند الفارغة ، ونشاهد “السبطانات” المنحنية، ونتابع اتهامات الخيانات المتبادلة ..مشفوعة بخطابات يبّحها زكام “التبرير”…
تعوّدنا في الحروب العربية مع إسرائيل..أن ثمة جيش لا يقهر ، فالهزيمة حاصلة ، فلا الكفّ يقاوم المخرز، ولا المخرز سيرحم الكف…لكننا تعلمنا أمس أن الجيش الأسطوري يقهر ويقهر ويقهر..وان الهزيمة تبني عشّها من “الأرواح” لا من السلاح وأن الكف تدمي المخرز أحياناً وتكسره نصفين ان أرادت…
**
تعوّدنا في الحروب العربية مع إسرائيل ، أنه وبالتزامن مع أول رصاصة تفتح الملاجئ..ويتم توزيع خيم الهجرة عشوائياً ، تصرف البطاقات مروّسة بكلمة “لاجيء”..لكن حرب غزّة الأخيرة قلبت الآية…مع أول صاروخ قسّامي..امتلأت ملاجئ الكيان..وفرضت الهجرة على الإسرائيليين في كل مكان…وبقي الغزّي واقفاً في مكانه يصافح الموت بصدره المصفّح بالإيمان…
**
باسم البحر المبلل بزرقة السماء ..شكراً غزة…باسم النوارس التي خلعت بزتها العسكرية “أبابيل” وعادت للتحليق سالمة فوق الشواطئ ..شكراً غزّة..باسم الذين زفّوا أطفالهم للرحيل، باسم الدمى مقطوعة الرأس…شكراً غزة…باسم الأمهات اللاتي ذرفن دمعاً حاراً على أبنائهن الشباب شكراً غزّة…باسم فستان “الفرح” الوحيد الذي بقي صامداً في المركز تجاري رفح…شكراً غزّة…..باسم الموت بكرامة..باسم الإرادة ..و الشهادة.. باسم الحياة بعزّة..شكراً غزّة… باسم “الضيّف”…سيد الصيف وسيد الفصول وسيدّ القادة.. شكراً غزة…باسم الشعوب المسحوقة مثلكم الذي هتفوا وذرفوا الدعاء والدمع ..شكراً غزّة..