سيرة مبدع/ آرنست همنجوي
بقلم: منى حسن
2016/01/28
ارتبط الإبداع كثيراً بالمعاناة، وتسيَّدت ثنائيةُ الحبِّ والحربِ
الكثير من قصص حيواتِ المبدعين الذين كتبتهُم مُعاناتُهم إبداعاً خالداً
على سِفْرِ الإنسانية.
الروائي الأمريكي آرنست همنغوي، كان أحد أهم
أبطال هذه الثنائية، فهو الأديب الذي ثقفت الحرب موهبته، وألقى عليها الحب
ظلاله الوارفة، وألهم إبداعه الكثير من الدارسين والمهتمين.
بدأ آرنست
عمله كصحافي وهو في السابعة عشرة، وبعد دخول أمريكا الحرب العالمية الأولى
تطوع للعمل بالصليب الأحمر الإيطالي عام 1918، حيث تعرض لإصابة بالغة
ألزمته المستشفى لأكثر من شهر، كُرِّم لأجلها بوسام الشجاعة، ورتبة ملازم،
كما تعرَّفَ خلالها أيضاً على المرأة التي غيرت حياته، وعاش معها قصة حب
تُعد من أجملِ وأوجعِ التجارب الإنسانية، ممرضة الصليب الأحمر أغنيس
كوروسكي، التي كانت ملهمته، وحب حياته التي وهبها قلباً لا يَنسى حتى آخر
رسالة وُجدت بجانبه بعد موته..!
خطط آرنست وأغنيس للزواج، ولكن يبدو
أنها لم تستطع تجاوز السنوات التسع التي سبقته بهن إلى الحياة، فاختارت
الارتباط بضابط إيطالي، مما تسبب له بصدمة قوية، ووجعِ ثقيل حمَّله صفحاتِ
روايته «وداعاً للسلاح»، التي تُعد من أنجح أعماله الأدبية.
تأثر آرنست
في أعماله كثيراً بما عاشه من أحداث في الحربين العالميتين الأولى
والثانية، وانعكس ذلك في سوداوية نظرته للعالم في بواكيرها، التي ما لبثت
أن ارتدت بُعداً إنسانياً وجودياً مختلفاً، واتجهت نحو رسم صورة الصراع بين
الإنسان وطموحه من جهة، والحياة، وخذلانها من جهة أخرى، كما تجلى في
روايته «الشيخ والبحر».
أيضاً كان لانتقاله إلى فرنسا في 1922 وعمله
كمراسل صحافي في زمن ازدهار الحركة الثقافية في فرنسا كبير الأثر على
مسيرته الأدبية، حيث تعرف إلى أعلام الأدب الفرنسي عن قرب وحاور معظمهم.
كتب في حياته عديداً من المؤلفات، وكانت انطلاقته الفعلية مع رواية «الشمس
تشرق أيضاً» عام 1926. امتاز أسلوبه الروائي بالبساطة والبلاغة، وتُوجت
مسيرته بجائزة «بوليتزر» في الصحافة عام 1953 وجائزة نوبل للآداب 1954،
وتحول منزله في كوبا التي انتقل إليها في آخر حياته إلى متحف ومقصد
للباحثين والمهتمين.
نشر بمجلة اليمامة السعودية.