حوار قصير مع عميد منظّري”القصة القصيرة جداً” بأمريكا اللاتينية: دافيد لاغمنوفيتش (David Lagmanovich)

القاص الناقد : دافيد لاغمنوفيتش (David Lagmanovich)

حوار قصير مع عميد منظّري”القصة القصيرة جداً” بأمريكا اللاتينية: دافيد لاغمنوفيتش ( David Lagmanovich)

تقديم وترجمة: الحسن أسويق.

تقديم:

لا يمكن فهم ظاهرة الانتاج الخصب، الذي بلغ أوجه في بلدان أمريكا اللاتينية، للقصة القصيرة جداً في العقود الأخيرة، إذا لم نستحضر الإسهامات النقدية والإبداعية للمبدع والناقد الأدبي المرموق؛ دافيد لاغمانوفيتش، ( David Lagmanovich) الذي يرجع إليه الفضل، بشكل مباشر أو غير مباشر، في كل ما أُنجز، إلى حدّ الآن، تنظيراً وممارسة، حول القصة القصيرة جداً.

ولد في 19 غشت من عام 1927 بهوينكا رينانكو – إقليم قرطبة (لأرجنتين). بعد نيله لشهادة الاجازة من جامعة توكومان ، حصل على منحة لمتابعة الدراسة بإحدى جامعات كولومبيا حيث نال شهادة الماستر. من هناك سافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية حيث تابع دراسته وأبحاثه إلى أن حصل على الدكتوراه في الآداب من جامعة جورج طاون بواشنطن. وظل مستقراً بها لمدة خمسة عشرة سنة (ما بين 1962 و 1977). بعد انتهاء عهد الديكتاتورية عاد إلى بلده الأرجنتين ليتقلّد عدة مناصب في مختلف الجامعات الأرجنتينية ومراكز البحوث بها، ومحاضراً، في نفس الوقت، في جامعات دولية أخرى بالولايات المتحدة الأمريكية وبألمانيا. وجدير بالذكر أنه، قبل وفاته بسنتين، عًين عضواً بالأكاديمية الوطنية للعلوم.

عاش حياة صعبة في طفولته؛ إذ كان عليه، لكسب قوت يومه، أن يزاول عدة “مهن” في الشارع ؛ عمل كموسيقي متجول، وكموزع جرائد، وكبائع متجول مثلما كان يفعل أبوه ذي الأصول الروسية. هذه الحياة القاسية والصعبة جعل منها مادة خصبة لكتابة العديد من قصصه القصيرة جداً بأسلوب حكمي مدهش.

تشكل كتاباته النقدية، في هذا المضمار، مرجعية لا يمكن الاستغناء عنها؛ إذ يعتبر الواضع، بدون منازعة ولا خصومة، للقواعد النقدية الأدبية لهذا الجنس السردي الذي سًمي، ضمن تسميات أخرى شبيهة، بالقصة القصيرة جداً. وهذا ما تشهد عليه مؤلفاته النقدية الرائدة والمتميزة ك: “القصة القصيرة جداً: النظرية والتاريخ” (2006)، و “القصة القصيرة جداً الأمريكانو- لاتينية” (2007)، و”النظرة الأخرى: القصة القصيرة جداً المكتوبة بالاسبانية” (2005). في هذا المؤلف الأخير يتناول بالدرس والمعالجة النقدية، أعمال كبار كتّاب القصة القصيرة جداً بدءاً ب: روبين داريو Roben Darioوخوليو تورّي Julio Torri وخوان رامون خمينيس Juan Ramon Jimenez ورامون غومث دي لاسيرنا Ramon Gomez de la Serna ، إلى الكتاب الكلاسيكيين منهم ك: أريولا Arreola وبورخيسBorges وكورتزار Cortázar ومونتروسو Monterroso وديفيني Deveni ، دون نسيان أفضل وأجود ممثلي هذا الجنس من الكتاب الاسبان ك: أنا ماريا ماتوتي Ana Maria Matute وماكي أووب Max Aub وأنطونيو ف. مولينا Antonio F.Molina، كما يذكر أهم الأسماء المجايلة له ك: لويس ماتيو دييث Luis Mateo Diez وغييرمو سامبيريوGuillermo Samprio وخوسي ماريا مرينو Jose Maria Merino وخافيير تومييو Javier Tomeo وغابرييل خمينيس إمّانGabriel Jimenez Eman ولويزا فلينسويلا Luisa Valenzuela وأنا ماريّا شووّا Ana Maria Shua وخوان أرماندو إيبل Juan Armando Epple وبيّا بارّوس Pia Barros وراؤول براسكا Raul Brasca.

وافته المنية في (26 أكتوبر 2010) عن سن تناهز الثلاثة والثمانين عاماً، نشر عدة مجموعات للقصة القصيرة جداً، من بينها وأشهرها: “النملة الكاتبة”‘2004)، “العناصر الأربعة” (2007)، “أقل من مائة” (2007).

نص الحــوار:

سؤال: ما هي التسمية التي تفضل إطلاقها على جنس الكتابة القصصية القصيرة جدا ً، ولماذا؟

جواب: التسمية التي أفضلها هي“القصة القصيرة جداً”Microrrelato ؛ لأنه، يبدو لي، أن الكلمتين المكونتين لهذه التسمية تحددان هذا الجنس الأدبي بوضوح: الطابع الشكلي للنص من جهة، وأبعاد النص نفسه من جهة أخرى.

سؤال: كيف ومنذ متى بدأ شغفك بالقصة القصيرة جداً؟

جواب: كتبت نصوصاً نقدية حول ما كنا نعتبره وقتئذ “قصصاَ” أو” قصصاً قصيرة” منذ 1970. ابتداء من تاريخ انعقاد المؤتمر العالمي الثاني حول “الكتابة التخييلية القصيرة جداً” (بسلمنكا 2002)، بدأت اهتماماتي تأخذ طابعاً مزدوجاً: كتابة القصص القصيرة جداً من جهة، وانجاز الأبحاث النقدية المرتبطة بها من جهة أخرى.

سؤال: هل تعتقد، ككاتب، بوجود وصفة جاهزة لكتابة القصص القصيرة جداً؟ وما هي هذه الوصفة إن وُجدت؟.

جواب: لا، لا أعتقد أن هناك وصفة جاهزة موحدة، كما لا أعتقد أنه يجب التوفر على وصف أصلاً. إن الكتابة، سواء تعلق الأمر بالمجال الشاسع للعالم الروائي أو بالمجال الضيق للقصة القصيرة جداً، يجب أن تكون مجالاً للحرية.

سؤال: هل تفضل، كقارئ، أَنطولوجيات (مجاميع) القصة القصيرة جداً، أم تفضل كتب المؤلف الواحد؟.

جواب: تكمن أهمية الأنطولوجيات في إثارة انتباهنا إلى وجود أسماء مهمة في المشهد الأدبي؛ أما كتاب المؤلف الواحد فتكمن أهميته في أن هذا الكتاب يعتبر بمثابة بطاقة هوية الكاتب بامتياز. لذا لا يُنصح بالتحول إلى قارئ للأنطولوجيات؛ بل إلى قارئ لتلك الأعمال الموحدة التي تمثل شخصية المؤلف على الوجه الأفضل.

سؤال: ما هي النصيحة التي يمكن أن تسديها لكتّاب القصة القصيرة جداً الحديثي العهد بكتابة هذا الجنس الأدبي؟

جواب: هي نفس النصيحة التي يمكن أن أسديها لأي كاتب في أي جنس أدبي آخر؛ النصيحة الأولى هي الاقبال على القراءة؛ قراءة الكثير من النصوص في الجنس الذي اخترت الكتابة فيه لكتّاب من مختلف المراحل وفي مختلف المصادر ( قراءة كافكا Kafka وأوركيني Örkény خوسي ماريا ميرنوJosé María Merino وبيا باروس . Pía Barros). النصيحة الثانية هي التحرر من التمثلات والتصورات المُسبقة وأنت تباشر هذه القراءات. بعد القيام بذلك، يمكنك أن تشق مسارك وتختار الطريقة الفضلى، بفضل ابداعاتك الفردية، التي تعكس رؤيتك المثلى للعالم وللكائنات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.