أحياناً كثيرة تصلني محاولات ، أصحابُها لا يعرفون لها تجنيساً محدّداً، كقول أحدهم: “لقد عبّرتُ على ما يخالجني، و جنّسها أنت كما تشاء “.
أعتقد أنّ مثل هذا الكلام ينمّ عن جهل واضح، فالذي لايعرف ما يكتب، كيف يتسنى له أن يتفوّق في ذلك؟ إنّ الكتابة حقل واضحة أرضه و مساحته ، و تربته، و نوع أغراسه و بذوره.. فنقول: حقل قمح، أو بطيخ، أو نعناع ..حتّى قبل أن تظهر أيّ نبتة أو تتبرعم. و إلاّ ما رأيك في فلاح يقف أمام حقله حائراً ، لا يعرف نوع انتاجه ؟!
و يحدث أن أقرأ مجموعات قصصية ، من جنس القصّة القصيرة جداً. فلا أجد إلا نصوصاً قليلة، و قليلة جداً، تلك التي تنضوي تحت هذا الجنس ، و ربّما جاءت مصادفة .أمّا الباقي فمعظمه شذرات ، أو خواطر، أو أخبار، أو طرائف ليس إلاّ. و يحسبها صاحبها قصصاً قصيرة جداً …
الغريب العجيب أنّ البعض لا يعرف أنّه يكتب الشّذرة ! بل لا يميّز بين الطرفة و القصّة القصيرة جداًّ، إذا ما عَمد إلى السّخرية..
في زيارة لمدينة آسفي المشهورة بالخزف، جلست إلى خزّاف نتجاذب أطراف الحديث عن الخزف كحرفة و فنّ ، فحدّثني حديثاً مطولا عن الخزف، و نوعه ،و جودته، و عن صالحه، و طالحه في آسفي ، وفي المغرب ، و عند الرّومان و الفرس قديماً ، و كيف أنّ إيران مازالت رائدة في الخزفيات شكلا و نوعا و زخرفة..
كان الرّجل يتكلم، و يده تدير قطعة الطين ، تشكل منها تحفة رائعة…فقلت بوركتَ من رجل فنّان جمع النّظري و التّطبيقيّ معاً..!
[highlight]تحياتي/ مسلك[/highlight]
[highlight][/highlight]