ولد القائد خليل إبراهيم محمود الوزير ” أبو جهاد” في 10 تشرين أول عام 1935 في الرملة بفلسطين التي غادرها أثر حرب 1948 إلى غزة مع عائلته.
كرس نفسه للعمل الفلسطيني المسلح ضد الاحتلال الإسرائيلي إنطلاقاً من غزة، وانتخب أميناً عاماً لإتحاد الطلبة وفيها شكل منظمة سرية كانت مسؤولة في عام 1955 عن تفجير خزان كبير للمياه قرب قرية بيت حانون في عام 1956 درس في جامعة الإسكندرية، ثم غادر مصر إلى السعودية للتدريس حيث أقام فيها اقل من عامْ ثم توجه إلى الكويت التي ظل فيها حتى العام 1963.
خلال وجوده في الكويت تعرف على الأخ أبو عمار وشارك معه في تأسيس حركة فتح، وتولى مسؤولية مجلة فلسطينيا التي تحولت إلى منبر لاستقطاب المنظمات الفلسطينية التي كانت متناثرة في العالم العربي
تشرين ثاني 1963 غادر الكويت إلى الجزائر حيث تولى مسؤولية أول مكتب لحركة فتح وحصل من السلطات الجزائرية على إذن بالسماح لكوادر الحركة بالاشتراك في دورات عسكرية في الكلية الحربية في الجزائر وعلى إقامة معسكر تدريب للفلسطينيين المقيمين في الجزائر
أقام أول اتصالات مع البلدان الاشتراكية خلال وجوده في الجزائر، وفي عام 1964 توجه برفقة الأخ أبو عمار إلى الصين التي تعهد قادتها بدعم الثورة فور انطلاق شرارتها، ثم توجه إلى فيتنام الشمالية وكوريا الشمالية1965 غادر الجزائر إلى دمشق حيث أقام مقر القيادة العسكرية وكلف بالعلاقات مع الخلايا الفدائية داخل فلسطين شارك في حرب 1967 بتوجيه عمليات عسكرية ضد الجيش الاحتلالي في الجليل الأعلى
كان أحد قادة الدفاع عن الثورة ضد المؤامرات التي تعرضت لها في الأردن…
نبذة عن حركة فتح “ديمومة الثورة والعاصفة شعلة الكفاح المسلح “
..
السيرة النضالية لحركة فتح….
كان له دور بارز خلال حرب لبنان وفي تثبيت قواعد الثورة هناك، وبين عامي 76-1982 تولى المسئولية عن القطاع الغربي في حركة فتح الذي كان يدير العمليات في الأراضي المحتلة عكف الشهيد على تطوير القدرات القتالية لقوات الثورة أدار العمليات ضد الاحتلال الإسرائيلي إنطلاقاً من الأراضي اللبنانية وكذلك المواجهات انطلاقا من الأراضي اللبنانية وكذلك المواجهات مع قوات العدو وهي التي ساهمت في تعزيز موقع منظمة التحرير الفلسطينية العسكري والسياسي والدبلوماسي
كان له الدور القيادي خلال الغزو الصهيوني للبنان عام 1982 معركة الصمود في بيروت التي استمرت 88 يوماً عام 1982 غادر بيروت مع الأخ أبو عمار إلى تونس1984 توجه إلى عمان ورأس الجانب الفلسطيني وفي اللجنة المشتركة الأردنية-الفلسطينية لدعم صمود الشعب الفلسطيني في الأرض المحتلة برز اسمه مجدداً أثر اندلاع الانتفاضة الجماهيرية المتجددة في وطننا المحتل…
اغتياله
وصلت كتيبة الموت التي اغتالت الشهيد أبو جهاد إلى تونس في عام 1988 لاغتيال أبو جهاد ورغم أن الجميع كانوا يجزمون بتورّط “إسرائيل” فيها أنها لم تعلن مسئوليتها عنها، رغم كل الإشارات و الاتهامات الموجهة للموساد بتنفيذ تلك العملية التي كان لها صدى لم ينته وكانت تفاصيل ما حدث كما روته انتصار الوزير أم جهاد، أرملة الشهيد أبو جهاد، و ابنته حنان،
معروفاً على نطاق واسع، و يتلخص بتمكّن فرقة من الموساد من الوصول إلى ذلك الحي المهم في العاصمة التونسية الذي يوجد به المنزل الذي يقيم به أبو جهاد، و تمكنه من الدخول إلى المنزل و قتل أبي جهاد أمام ناظري عائلته.
….اعرف عدوك ( الجيش الصهيوني )
و انتظر العالم تسع سنوات حتى نطقت “إسرائيل”..
ففي عام 1997 كشفت الصحف عن تفاصيل العملية الدقيقة و التي استخدمت فيها الطائرات و الزوارق و قبل ذلك عملاء “إسرائيل”.
صحيفة (معاريف) العبرية في عددها الصادر بتاريخ 4 تموز كانت، أول جهة إسرائيلية تشير صراحة و بالتفصيل لتورط “إسرائيل” في العملية التي أودت بحياة نائب القائد العام لقوات الثورة الفلسطينية..
قالت معاريف، دون أن يكذبها أحد في تل أبيب، إن من نفّذ العملية وحدات كوماندوز خاصة تابعة لهيئة الأركان “الإسرائيلية”، و هي الأقوى في الجيش “الإسرائيلي”. في منزل أبو جهاد ليلة 15 – 16 نيسان 1988، و تم تنظيم العملية كعملية عسكرية واسعة النطاق.
و تم نقل المشاركين في الاغتيال على متن أربع سفن، من بينها اثنتان نقلت عليهما مروحيتين، لاستخدامهما في حالة الاضطرار لعملية إخلاء طارئة إذا حدث أي خلل أو طارئ غير متوقع..
و كشفت الصحيفة أنه تم إعادة (بناء) فيلا أبو جهاد التي كان يقطن بها في تونس العاصمة بتفاصيلها الدقيقة في “إسرائيل” اعتماداً على عملاء لجهاز الموساد، الذي ساعد رجاله في تدريب الوحدات العسكرية على العملية داخل الفيلا الشبيهة في “إسرائيل”.
و قالت الصحيفة إن إيهود باراك (مساعد رئيس الأركان) وقت تنفيذ العملية، و زعيم حزب العمل عند نشر هذا التقرير في معاريف، هو الذي أعد للعملية و أشرف على عملية الاغتيال من البحر قبالة شواطئ تونس. و هو صاحب سجلّ حافل في عمليات الاغتيال.
و لكنه لم يكن وحده، فمعاريف نشرت صور و أسماء القيادات التي خطّطت و نفّذت تلك العملية و أبرزهم: إسحاق شامير رئيس حكومة الاحتلال وقت ذاك الذي صادق على عملية الاغتيال و بعد تنفيذ العملية بنجاح أرسل برقية تهنئة لمنفّذيها، و كذلك إسحاق رابين و زير الدفاع في حكومة (الوحدة الوطنية) الإسرائيلي الذي أيّد تنفيذ العملية في جلسة المجلس الوزاري المصغر، و آمنون ليبكين شاحاك رئيس الاستخبارات العسكرية الذي وفّر معلومات لازمة لتنفيذ العملية بنجاح، و ناحوم أدموني رئيس جهاز الموساد الذي قدّم أيضاً معلومات دقيقة لإنجاح العملية، و إيل رجونيس ضابط الاستخبارات في دورية هيئة الأركان والذي بدا، كما تقول الصحيفة بجمع معلومات في نهاية عام 1987 بعد تسريحه من الجيش، و دان شومرون رئيس الأركان الاسرائيلي الذي صادق على عملية الاغتيال.
وتكشف الصحيفة، أن “إسرائيل” استعانت بطائرة بوينغ 707 كانت تحلّق قرب الشواطئ التونسية لجمع معلومات و بثها و التنصت على الهواتف التي يستخدمها القادة الفلسطينيون.
و أشارت الصحيفة إلى أنه أثناء الاستعداد لتنفيذ عملية الاغتيال، تمكّنت دوريات بحرية (إسرائيلية) بمساعدة شبكة الموساد في تونس، من التسلل إلى الشواطئ التونسية لتحديد المكان الأكثر أمناً لانطلاق وحدة الكوماندوز التي أوكل إليها مهمة تنفيذ الاغتيال.
و من أهم ما نشرته الصحيفة (تفاصيل) اتخاذ القرار باغتيال أبو جهاد، و ربما يساعد ذلك في فهم (التفكير) الاسرائيلي في مثل هذا النوع من الاغتيالات و الذي
طال، هذه المرة، أعلى رتبة عسكرية و سياسية فلسطينية ضمن سلسلة الاغتيالات التي نفّذتها “إسرائيل” .
قالت (معاريف) إنه في 8/3/1988، و بعد انتهاء عملية اختطاف الباص الذي كان يقلّ موظفي مركز الأبحاث النووية في ديمونا، عقد مجلس الوزراء الصهيوني المصغر، و على رأس جدول الأعمال اقتراح قدّمه جهاز الموساد باغتيال أحد أفراد منظمة التحرير الفلسطينية و لكنه هذه المرة كان: أبو جهاد..
و لكن لماذا اتخذ القرار باغتيال أبو جهاد ؟
تقرّ (معاريف) العبرية بأن هناك أسباباً عديدة كانت وراء قرار اغتيال أبو جهاد، و وضعت في المقدمة من هذه الأسباب الدور الرئيس لأبى جهاد في الانتفاضة الفلسطينية الكبرى، و لكن حديثها عن الأسباب الأخرى يكشف بأن قرار اغتيال أبو جهاد لم يكن وليد تلك الظروف المتعلقة بالانتفاضة، فالصحيفة تدرج سبباً رئيساً آخر يتعلق بدور أبو جهاد السابق في العمل المسلح ضد “إسرائيل” خلال سنوات طويلة ماضية
و يسرد الصحافي الايرلندي غوردون طوماس في كتابه (انحطاط الموساد) ما جرى في تلك اللحظات الحرجة “في 16 نيسان 1988 صدر الأمر بالتنفيذ، في تلك الساعة أقلع عدد من طائرات بوينغ 707 التابعة لقوة الجو (الإسرائيلية) من قاعدة عسكرية تقع جنوبي تل أبيب، كانت واحدة تقلّ إسحاق رابين و عدداً من كبار الضباط (الإسرائيليين)، و كانت على اتصال دائم عبر لاسلكي سري بفريق الاغتيال الذي اتخذ أفراده مواقعهم بقيادة عميل اسمه الرمزي سورد، كانت الطائرة الأخرى مكدسة بأدوات المراقبة و التشويش، و كانت طائرتان أخريان تنقلان خزانات الوقود، و على ارتفاع شاهق فوق الفيلا حام أسطول الطائرات في الفضاء و هو يتابع كل حركة على الأرض عبر تردّد لاسلكي، و بعيد منتصف الليل في 16 نيسان سمع الضباط المحمولون جواً أن أبا جهاد قد عاد إلى منزله بسيارة المارسيدس التي كان ياسر عرفات قد قدّمها له كهدية عرسه”.
و يكمل طوماس: “من موقع قرب الفيلا، أعلن سورد عبر ميكروفون يعمل بحركة الشفاه أنه يسمع أبا جهاد و هو يصعد السلالم و يذهب إلى غرفة نومه و يهمس شيئاً لزوجته و يمشي على أطراف أصابعه إلى الغرفة المجاورة لتقبيل ابنه النائم قبل أن يمضي إلى مكتبه في الطبقة الأرضية، كانت طائرة الحرب الإلكترونية، و هي النسخة (الإسرائيلية) لطائرة الرادار الأميركية إيواكس، تلتقط هذه التفاصيل و تحوّلها إلى رابين في طائرة القيادة، و عند الساعة 12:17 صباحاً صدر أمره بالتنفيذ”.
و بعد قرار التنفيذ هذا كان على (سورد)، أن يأمر رجاله بالتنفيذ، فأجهز أحد رجاله على سائق أبو جهاد الذي كان نائماً في سيارة المارسيدس.
ثم تحرّك (سورد) نفسه مع أحد رجاله و فجّرا بوابة الفيلا بمتفجرات بلاستيكية لا تحدث صوتاً، ثم قتلا حارسين فوجئا بالموقف على ما يبدو، و من هناك اندفع (سورد) إلى مكتب أبي جهاد فوجده يشاهد شريط فيديو، و قبل أن ينهض أطلق النار عليه مرتين في صدره، و لم يكتف (سورد) بذلك، فأطلق رصاصتين إضافيتين على جبهته.
وبعد كل تلك السنوات من تنفيذ العملية فقد اعترفت الأوساط الإسرائيلية أن العملية فشلت في هدفها الأساسي و هو إخماد الانتفاضة، بل إن الانتفاضة تصاعدت أكثر فأكثر.
فالرصاصات التي أطلقها رجال الكوماندوز الصهيوني صحيح أنها أنهت حياة أبو جهاد على الأرض ولكنها أحيته في قلوب ملايين الفلسطينيين
موقع الدكتور مسلك ميمون