ورد في كتاب “الدكتورعبد الهادي التازي في تاريخ تازة” لمؤلفه محمد العلوي الباهي، طبعة الرباط 2014، ترجمة للمهندس مولاي رشيد الإدريسي، والذي يتحدر من “أوطاط الحاج” الواقعة جنوب تازة، التابعة للنفوذ الترابي لإقليم بولمان.
ويعد المهندس “رشيد الإدريسي”، أول كيميائي مغربي استطاع استخراج “اليورانيوم” من الفوسفاط، ما دام تخصصه كان هو “الطاقة النووية”.
ويتذكر عبد الهادي التازي، أنه في عام 1964، وبدار الشباب بمدينة تازة الجديدة التي كانت توجد بشارع محمد القصباوي، كان مبهورا رفقة مجموعة من الشباب، من هذا الشاب المهندس، والذي كان يبلغ حينها 25 سنة، والذي كان يزور المنطقة صحبة مجموعة من الشخصيات هم خبراء في التنمية من منظمة اليونسكو. وهو الذي طلب مجالسة هؤلاء الشباب، وقدم لهم نفسه مهندسا في الكيمياء، وتبين أنه قام بإنجازات تربوية واجتماعية وثقافية وفلاحية بمساعدة أبناء تازة، خاصة بمسقط رأسه “أوطاط الحاج”، وعمل على تأسيس تعاونية فلاحية ومزرعة نموذجية على أطراف وادي ملوية وسعى مع المصالح المختصة على بناء ثانوية وتوزيع الكتب ولوازم الدراسة، يتذكرها أهل البلد بكثير من الفخر والاعتزاز. هذه الطاقة الخلاقة والجذوة المستعرة، ستنطفئ يوم الإثنين 18 أكتوبر 1971، إثر حادثة سير على قنطرة أبي رقراق ما بين الرباط وسلا في عملية مدبرة من جهات خارجية.
وفاة شاب طموح في 32 من عمره، إثر اغتيال مدبر وتصفية بعد سبق إصرار وترصد، هي بالتأكيد خسارة كبيرة للمغرب.
يذكر أن مولاي رشيد الإدريسي من مواليد سنة 1939 بمنطقة أوطاط الحاج، درس الابتدائي هناك والثانوي ب “كوليج بير بير سابقا” (طارق بن زياد حاليا)، وبعد حصوله على البكالوريا، انتقل إلى الرباط وتابع دراسته في الكيمياء، ثم إلى فرنسا حيث تعمق في أبحاثه ودراساته الجامعية، والتي توجها بإحرازه على دكتوراه الدولة في الكيمياء النووية.
رفض الإغراءات الغربية، وعاد ليسهم في رقي بلده وموطنه بروح وطنية عالية على المستوى السياسي والنقابي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي. كما واصل أبحاثه العلمية، وبآسفي أجرى أبحاثا مخبرية كللت بنجاح باهر تمثل في اكتشاف نسبة عالية من اليورانيوم في الفوسفاط المغربي، عمود اقتصاد المملكة، وما إن خرجت تصريحاته إلى العلن من أبحاث عبر الصحافة، وأشاعتها وكالات الأنباء الدولية بكون شاب مغربي متخصص في الطاقة الذرية بإمكانه ( في نهاية الستينات) إنتاج 72 ألف طن من اليورانيوم سنويا انطلاقا من الفوسفاط، وبثمن زهيد، إثر أبحاث مضنية ودراسات في مجال الهندسة الكيميائية والصناعات الذرية، بعد حصوله على شهادة المعهد الوطني للعلوم والتقنيات النووية بفرنسا، حتى أشادت به وسائل الإعلام من خلال إبراز معطياته وأرقامه وصيغه الكيميائية وحساباته الدقيقة ونتائجه الباهرة، استقتها من الوكالة الدولية للطاقة الذرية الكائن مقرها بفيينا.
ما جلب عليه مكر القوى الحاقدة على التقدم العلمي بالعالم الثالث والعربي الإسلامي على وجه الخصوص، فرصدت اكتشافاته المخابرات الصهيونية وظلت ترصد تحركاته إلى أن لقي حتفه في ظروف غامضة ( من خلال حادثة سير غير متوقعة) يوم 18 أكتوبر 1971 في طريقه من الرباط إلى مسقط الرأس (أوطاط الحاج)، عند مدخل مدينة سلا.
يقول عنه زميله ورفيق دربه المهندس (محمد أيت قدور):” إنه راح ضحية انخراطه في التأسيس لمشروع دفاعي عربي مبني على امتلاك العلم والمعرفة والاقتدار”.
المصدر: موقع نــون TV