من ذكريات المكتبة
في صغري،كنت حريصا أن أقضي وقت فراغي في المكتبة العامّة. أذهب إليها لأعيد كتابا مستعارا ، و أغادرها و أنا أحمل كتابا مستعارا ..
زملائي الصغار في الحي كانت تمتلكهم الدّهشة، بل أحيانًا كانت تستبدُّ بهم غيرة مبهمة، حتّى أنّهم أطلقوا علي اسم: “بو كتاب” و لم أهتم .مع أنّ لا أحد كان يمنعهم من زيارة المكتبة، و استعارة الكتب الخاصّة بالأطفال.و لكن حبّ اللّعب الجماعي كان يصرفهم عن ذلك.
و ذات يوم اقترب منّي أحدهم ، و قال بصوت خافت، و هو يلتفت يمينًا و يسارًا و كأنَّه يخشى أن يُسمع صوته:
ــ أريد أن أذهب معك إلى المكتبة.
فرحت و ابتهجت للطلب، أخيرًا هناك زميل في الحي سيصاحبني في الطّريق، و في المكتبة، فاغتبط لابتهاجي و موافقتي، و لكنه قال:
ــ لا تحدث أحدًا بهذا.. و إلا سأصبح “بو كتاب ” آخر!
فشعرت و كأنّني فَجأةً تحت صنبور ماء بارد! كما شعرت بالتّعاسة، حين تراجع الزميل عن طلبه.فاقتحم رأسي الصّغير سؤال كبير: هل كلام الأخرين، قد يحبط و يضعف الرّغبة و الإرادة ؟!