من ذكريات المكتبة
في فصلي الدّراسي كان هناك طفل يجيد الفرنسية و يشقشق بها كما يشاء و كنت أرغب أن أكون مثله. حتّى أنّني سألته.. و لكن لم يفدني بشيء. كان أبوه مترجمًا و موثقًا مشهورًا في مدينتي.
و ذات يوم وقف إلى جواري قيم المكتبة،وجدني أتصفح كتاب : الغريب ” L’Etranger” لألبير كامو. فأخذ منّي الكتاب وقال:
ــ أنت دائمًا تتصفّح أيّ كتاب..هذا كتاب لا تستطيع قراءته و لا فهمه.. ثمّ أخبرني هل تعرف الفرنسية ؟
تلعثمت ، و اضطربت و لم أقل شيئًا.
فبقيت لحظات مشدوها، شاردًا، أسند رأسي إلى كفي. و كأنّه أصبح صخرة ثقيلة.. و فيما أنا أهمّ بالانصراف، لاحظت قيِّمَ المكتبة يشير إلي بكفه من بعيد.فلمّا ذهبت إليه، وجدته فتح صندوقًا كرتونيًّا فيه قصص مصورة بالفرنسية، و قال ناصحًا:
هذا الصندوق سيقوي فرنسيتك، و بعد ذلك ستقرأ “غريب ” ألبير كامو.
كانت لغة القصص بسيطة، تدعمها الصّور شجعتني على التهام ما في الصندوق و طلب المزيد..
في الفصل انبهر معلم الفرنسية لما لمسه من تحسن في فرنسيتي …أمّا طفل الفرنسية لم يهدأ باله حتّى قال لي:
ــ القصص التي تقرأها مليئة بالأخطاء.. و لن تفيدك في شيء,
فتساءلت يومئذ و لازال السّؤال هو نفسه: من دسَّ في ذلك الطّفل كلَّ تلك الغيرة، وذاك الحسد,.؟!