د مسلك ميمون
مجموعة ” لا شرقية و لا غربية ” تعدّ المجموعة القصصية الثانية عشر للقاص حسن برطال، في حجم متوسط صدرت عن مطبعة وراقة بلال بفاس،و تضم بين غلافها الأصفر البرتقالي مائة و اثنين من النصوص القصيرة جداً، و تزين واجهة الغلاف لوحة للفنان التشكيلي إدريس الأمامي، و كُتب العنوان بالأبيض في الأعلى بخط الثلث ،و على جانب اللّوحة الأيسر، و بشكل عمودي،كُتب جنس النّصوص ” قصص قصيرة جداً” و بالأسود و أسفل اللَّوحة أيضاً، كُتب اسم القاص. أما على ظهر الغلاف و في الأعلى ،أثبتت صورة القاص و أسفلها لائحة بعناوين مجموعاته السّابقة. و تصدّرَ المجموعة تقديم : هو نفسه قصة قصيرة جداً: ” لا تدفن (أحزانك) في التراب ربّما يكتشفها عالم الآثار فيبني عليها (أفراحه).” و هي عادة من القاص درج عليها في بعض مجموعاته السّابقة .
1 ــ العنــــوان :
1/1 عنوان المجموعة : ” لا شرقية و لا غربية” جملة نفي تحيلنا على أصلها القرآني من الأية الخامسة و الثلاثين من سوررة “النّور” : [اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ۖ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ ۖ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ ۚ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ ۗ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (35) ] و لم يكن هذا جديداً. فقد استلهم القاص عناوين بعض مجموعاته السّابقة من القرآن الكريم([1])
و سنلاحظ أنّه اعتمد الاقتباس عن قصد في جلّ العناوين، إمّا يأتي بها كما هي، كنص مواز ( Paratexte) أو يتصرّف فيها بعض التّصرف، استجابة لمعطيات فكرة النّص، بل أرى أنّ تلك العناوين كانت سبب الإلهام، و روافد العطاء، حقّاً أنَّ القاص لم يعكسها كدلالةٍ قطعية، و إنّما اتَّخذها كمادة إلهام و استيحاء..
1/2 عناوين النّصوص:
يبدو أنّ القاص حسن برطال، يستلهم مواضيع قصصه، من عناوين مختلفة و من جمل، و أسماء رائجة، في مجالات مختلفة، و كذلك كان دأبه في معظم المجموعات القصصية الأخرى. و هنا، في هذه المجموعة، كان الاحتفاء بالعناوين المُركَّبة، إذ لم يكن من العناوين المفردة إلا عشرين عنواناً، من جملة عناوين المجموعه الاثنين و مائة عنوان.
1/3 مصادر العناوين في المجموعة:
أ ــ القرآن الكريم:
“زيتونة لا شرقية و لا غربية” ص/5 سبق الإشارة إليها كعنوان للمجموعة الآية 35/ سورة النور. ” مريم” ص/6 أمّ المسيح عليهما السّلام. و ” ذو القرنين ” ذو القرنين اسم شخص ورد في القرآن كملك عادل، قد بنى ردماً يدفع به أذى يأجوج ومأجوج عن أحد الأقوام. و ” ما أكل السبع ” من الآية (3) من سورة المائدة :(حرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ …) و ” النفس المطمئنة ” ص/57 و مأخوذة كعنوان من الآية الكريمة:(يا أيّتها النّفس المطمئنة ارجعي إلى ربّك راضيةً مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنّتي) 27/30 ـ سورة الفجر. و” بصره اليوم حديد” ص/60 مقتبس من الأية الكريمة:(لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَٰذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) (22) سورة (ق).
ب ــ مصطلحات عامّـــة:
” ضد مجرى اللّعب ” ص/9 مصطلح رياضي. ” جوج بغال ” ص/10 اسم موقع حدودي بين المغرب و الجزائر، أصبح مصطلحاً سياسياً يفصل بين البلدين. ” مصاص الدّماء” شخصية ميثولوجية أسطورية، ذكرت في التراث الشّعبي الفلكلوري، وتتغذى على الدّم. و عُرفت هذه الشّخصية الوهمية سنة 1819 حين نشرت رواية ” مصاص الدّماء ” لمؤلفها جون بوليدوري، تلتها بعد سبعة عقود تقريباُ رواية ” دراكولا” سنة 1897 لمؤلفها برام ستوكر. الشّيء الذي عزّز أفلام الرّعب بعد ذلك.
و من المصطلحات ذات الطابع الشّعبي التي أساسها المثل: ” رائحة الشّحمة في السّاطور” ص/13 و البعض يستبدل كلمة السّاطور بالشّاقور، و لها نفس المعنى . ثمّ هناك ” السَّكن الوظيفي”ص/ 14 مصطلح يطلق على سكن خاص بموظف معين سواء كان من المسكنين وجوباً أو مسكنين بحكم القانون أو مسكنين بالمجّان أو مسكنين بصفة فعلية .و كذلك “ضمير الغائب ” ص/16 و هو مصطلح نحوي ،[ هي، هو، هنَّ، هُم، هما.] في حالة الرفع [إيَّاهُ، إيَّاها، إيَّاهُم، إيَّاهُن، إيَّاهُما.] في حالة النّصب. ثمّ ” حالة مدنية “ص/18 و يطلق على دفتر الأسرة. و ” سباق التناوب ” ص/19 مصطلح رياضي نجده في مسابقات العدو الريفي.و ” الموت السّريري” ص/21 مصطلح طبي/قانوني وهو الموت الدّماغي بالإنجليزية rain death)) تعريف قانوني للموت ظهر في السّتينات من القرن العشرين نتيجة تطور إمكانيات الإنعاش في المحافظة على التّهوية والدّوران. و التّعريف المبسط للموت الدّماغي :توقف كامل لنشاط الدّماغ. و ” شهادة طبية ” ص/22 تقرير طبّى عن حالة المريض. و ” الضّغط المرتفع ” ص/23 مصطلح طبّي يعني ارتفاع ضغط الدّم في شرايين الجسم. ثمّ ” مُسيلمة ” ص/25 يقال هو مسيلمة بن حبيب الحنفي الكذاب، وقِيل هو مسيلمة بن ثمامة بن كثير بن حبيب الحنفي، وُلِد وتربّى في اليمامة، ويُكنّى أبو ثمامة وقيل: أبو هارون، وتقول الروايات في وصفه: كان قصيرًاً أخنسَ الأنف أفطس، شديد الصّفرة”، وهو أحد الكذّابين الذين ادّعوا النّبوّة بعد وفاة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وقد قُتِلَ في معركة اليمامة عام 12 للهجرة. و من المصطلحات أيضاً : ” مستودع الأموات ” ص/28 مكان خاص في المستشفى شديد البرودة توضع فيه الجثث لحين الأمر بدفنها. و ” السّكري ” ص/30 اسم مرض شائع عالمياً. و ” الشات و الشتات ” ص/33 مصطلح ” الشات ” شاع مع ظهور و سائل التّواصل الاجتماعي، إذ أصبح الحوار شائعاً بين رواد الإنترنيت. و ” القرض العقاري ” ص/34 بنك خاص بالقرض من أجل البناء و كل ما يتعلق بالعمران. وفي ص/35 نجد نص”تقنية الفار”( (VARمصطلح جديد يطلق على جهاز فديو لمراقبة سير مبارة كرة القدم، و ” بنك المعلومات ” ص/46 أو يطلق عليه أيضاً مصطلح قواعد البيانات والمعلومات ، وهو عبارة عن عدد ضخم من البيانات حول مجالات نشاط معيّن يتم تنظيمها وتخزينها. ثمّ ” عنزة السيد سوغان ((la chèvre de monsieur Seguin لألفونس دودي1840-1897 Alphonse Daudet))
و ” خير البرعاجله ” ص/52 قولة شائعة تنسب للرسول صلى الله عليه و سلم و لكن حسب رأي العلماء فهو حديث مكذوب. و ” البؤساء “ص/53 البؤساء أو البائسون بالفرنسية Les Misérables) ) عنوان رواية للكاتب فكتور هيغو نشرت سنة 1862،
ثمّ نص ” استعلامات عامة ” ص/54 و هو لا شك مأخوذ من جهاز الشّرطة و هو جهاز استخباراتي مدني تابع للمديرية العامّة للأمن الوطني يختص في تجميع المعلومات و تخزينها و تحليل المعلومات الواردة سواء من المصالح الخارجية أو من جميع مصادر المعلومات الممكنة. و ” النّار و الاختيار ” ص/58 هو عنوان لرواية خناتة بنونة.
و ” المهزومون “ص/59 هو عنوان رواية لهاني الراهب. و ” عام الفيل ” ص/61 قديما : عام الفيل (الموافق: 570-571 بعد الميلاد) عام سمي نسبة إلى الحادثة التي وقعت فيه، عندما حاول أبرهة الحبشي (أو كما يعرف كذلك بأبرهة الأشرم)، حاكم اليمن من قبل مملكة أكسوم الحبشية تدمير الكعبة ليجبر العرب وقريش على الذهاب إلى كنيسة القليس التي بناها وزينها في اليمن. و حديثاً فهو عنوان رواية لليلى أبو زيد.
و يمكن الاسترسال مع باقي العناوين المقتبسة مثل : [ فلاش ـ باك ، عارضة (الأشياء)، تحريف لـ ( عارضة الأزياء ) القرين، علوم الحياة، عاهة مستدامة، السِّلْفي المميت، سباق 100 متر حمام، الميت من الحي، قوس قزح، رياضة المكالمة، الوجه الأخر، البلد الميت، تحريف عن ( البحر الميت ) رباعي ( الدفع)، و جها لوجه، فكثيره حرام، الضغط المرتفع، دراكولا، الرَّاعي و النّساء (عنوان فيلم مصري ).محاولة غش،تحريفاً لعنوان رواية (محاولة عيش ) لمحمد زفزاف، ميثاق شرف،فصيلة نادرة، الزّمن البديل، الأصول و الفروع، منجد الطلاب ( القاموس المعروف)،سامحيني ( عنوان مسلسل تركي ) ، فض الاعتصام، في خلقه جنون،الحرّاز (عنوان مسرحية للطيب الصديقي)،(الشبكة) المعلوماتية.
2 ــ تنوع اللّقطـــات السّردية :
حين يُرادُ الحديث عن القصة
القصيرة جداً ، لا بدّ من استحضار اللّقطة السّردية, فهي أساس بنائها.و محور
دورانها،و لحظة اكتشافها و تصويرها. فهناك من استوعب هذا جيداً، و هناك من بقي
حبيس مفهوم القصّة القصيرة. مع أنّه شتّان بين الجنسين، نسقاً و كتابة..
و القاص حسن برطال، من القاصّين القلائل الذين استوعبوا مفهوم اللّقطة السّردية
فلم يحد عنه منذ إصداره الأوّل “أبراج” سنة 2006 و لقد توالت المجموعات
.. و دائماً و أبداً في إطار اللّقطة السّردية. حتّى ليشعر المُتلقي يقيناً، إنّما
الحياة لقطات، و أنَّنا نعيش نرصد من الحياة لقطاتها المُختلفة و المُتنوعة، و
منها نكتسب الخبرة والمعرفة، و الأخلاق و العبر..
و مجموعة “لا شرقية و لا غربية” جاءت حافلة باللّقطات السّاخرة (L’ironique ) محققة اختلافاً نوعياً، من حيث الأسلوب و التّركيب،
و التّيمات و الرُّؤية السّردية، و تعدُّد السّنن..و من ذلك بعض اللقطات السردية :
1 ــ لقطة سـوء الفهـم.
سوء الفهم (malentendu) من الأساليب التي توظف
في القصّة القصيرة جداً لخلق مفارقة تضادية بين الفهم، و عدمه، و إن سوء الفهم
لخصلة بشرية ما خلت منها حقبة من الزّمن، ولا عُصم منها شخص من الأشخاص، و لها
أسبابها النّفسية و الذاّتية والموضوعية
التي قد يترتب عنها الشّك و سوء الظّنّ و الوهم فهي لقطة واقعية في النّص القصصي
كالذي نجده في نص ” ليل”ص/4:
“الطائر الذي لاح في الظلام كان
(بومة) و ليس حمامي الزّاجل الذي انتظرته طويلا..يا إلهي،كيف نسيت أن الحمام لا
يطير ليلا ..”
و يتّضح سوء الفهم أكثر في نص ” زيتونة لا شرقية و لا غربية ” ص/5
” سألني عن صاحب دعوته،ذي البشرة
السمراء، شريكه الذي خان الأمانة و (سرق الزيت)([2]) ثم اختفى..فأقسمت له
بالله أني لم أر صرصارا مر من هنا.. “
فوقع سوء الفهم بين السّائل و المسؤول.
السّائل يسأل عن شخص أسمر البشرة سرق زيته و خان الأمانة,, و المَسؤول و قع في خلط
لأنّ جميع المواصفات تنطبق على الصرصور و بخاصّة أنّه يعروف لدى العامّة بـ (سرّاق
الزّيت )
و يتطور سوء الفهم لدرجة الخوف أنْ تمَسَّ العقيدة ، و ذلك في نص : ” مريم
” ص/6
“فتحت ذراعيها ثمّ تقدّمتْ نحوي كخشبتين (متعامدتين)، لكنَّني رفضت العناق و
تراجعت إلى الخلف خوفاً من وضع (الصليب ) على صدري.”
و تتكرّر لقطة سوء الفهم في نصوص أخرى مثل :” الشفافية” ص/8، و” ضدّ
مجرى اللّعب” ص/9…
2 ــ اللّقطة الكوميدية (L’humour)
و هي لقطة تكاد تكون المهيمنة، لشدة و كثرة توظيفها ،رغبة في السّخرية و التّهكّم من بعض
الأوضاع الاجتماعية و السياسية ، و الأمر لا يخص هذه المجموعة فحسب بل نجدها تتكرر
في كلّ المجموعات السّابقة، و غالباً ما تأتي في ثوب الطّرفة.. سواء في توظيف التّضاد،
أو سوء الفهم ، أو التَّغابي، أو اللّعب بالكلمات تقديماً أو تأخيراً كالذي نجده
في نص: ” المقابلة الآخيرة ” ص/7
” أصبحتَ تعشق رئيسة كرواتيا.. و أنا
؟ هكذا سألت الزوجة.. الزّوج يجيب بلسانه الدّارج : تيا كروا ”
و هكذا نلاحظ أن كلمة (كرواتيا ) أصبحت بعد الفصل و التقديم ( تيا كروا ) بمعنى تِقني و
تهكّمي ساخر : أتعتقدين ذلك ، (C’est ce que tu crois ?). ثمّ هناك نص:” الضغط المرتفع “ص/23
” كلمت أمي عن الفتاة التي اخترتها و قلت إنّها تقود الطائرة و تطير من مكان
إلى مكان حزنت المسكينة و قالت هذه الفتاة ( خفيفة) يا ولدي..”
و منها أيضاً “الشاي الأحمر ”
ص/24، و نص ” مسيلمة” ص/25…
3 ــ اللّقطة السّياسية
:
و القصد منها في بعض نصوص المجموعة تمرير
خطاب سياسي. كالذي نجده في نص : ”
جوج بغال “([3]) و يُراد به الحدود الشّرقية الفاصلة بين المغرب
و الجزائر وقد توالى غلقها و فتحها حسب التّقلبات السّياسية بين البلدين .”أغلق المَعبر لأوّل مرّة بعد استقلال البلدين
أثناء السّبعينيات على خلفية قضية الصّحراء
الغربية و حرب الرمال، ثمّ أعيد فتحه في بداية التّسعينيات لمدّة
عامين، ثمّ أغلق في حادثة هجومات إرهابية في مراكش. و ظلّ مغلقاً منذ 1994 عندما فرضت الرباط التّأشيرة على المواطنين الجزائريين، وردّت الجزائر بدورها بإغلاق الحدود البرية بين البلدين.” ([4]) و
استمرَّ النِّظامان: المغربي و الجزائري في جدلهما السّياسي، و حربهما الباردة،
على حساب أواصر القربى و الدّم و التّاريخ المشترك بين الشّعبين اللذين هما شعب
واحد، لو لا مُخلفات الاستعمار البائد.. و من ذلك أيضاً نص: ” ديمقراطية وطن
” ص/35 ، و “وصاية كاذبة” ص/47
4 ــ اللقطة الانتقادية:
و هي من أهمّ اللّقطات التي توظفها القصّة القصيرة جداً، و في هذه المجموعة
بخاصّة.
تهيمن هذه اللّقطة كإرث تماتي من القصّة و الرّواية، منذ أن كانتا كجنسين سرديين. فعمّ
صدى ذلك في القصّة القصيرة، و انتهي إلى القصة القصيرة جداً. و من ذلك نص ”
الموت السّريري ” ص/21
” تمَّ تدشين المستشفى الجديد تحت شعار : سرير بدون مريض. بعد يومين ، عدت
فوجدت المريض بدون سرير”
و كذلك نص ” الكلب الوفي” ص/26 في انتقاد لقلة مراقبة ما يذبح لدى الجزارين
حتى أصبح لحم الكلاب يباع على أنّه لحم الماشية..
نخلص إلى أنّ مجموعة ” لا
شرقية و لا غربية” جاءت في أغلب نصوصها استلهاماً من عناوين، و أمثال، و آيات
، و مقولات.. و لا غرو أنّ مسألة الاستيحاء تكون كذلك، و لكن حبذا لو اقتصر الأمر
على هذا.و تمكن القاص من إيجاد عناوين خاصّة، فإعداد العنوان هو في حدّ ذاته عملية
إبداعية، إذ ليس من السّهل ذلك . و لكن القاص فضل أن يقتبس مصدر الالهام كما رأينا
سابقاً.محققاً الوظيفة التّواصلية: علاقة السّارد بالمسرود له ، فضلا عن الوظيفة
التّوثيقية (Fonction d’attestation testimonial ) : من أين استقى السّارد معلوماته؟ كما أن اللّقطات السّردية كانت متنوعة، و
مختلفة، و قد اكتفينا ببعضها.. ففي كلّ كتابة القاص حسن برطال تلعب اللّقطة دوراً
أساسياً. و إن كان يلتزم طريقة عرض لا تستعصي على المتلقي لغة و مضموناً، و تكتفي
بالعرض التّلميحي التّناصي
باستحضار نص في نص، و تمكيناً من القصصية/الحكائية، في إطارها المتعدّد الأبعاد
..
هوامش:
[1] ــ كعنوان مجموعته الخامسة: ” مغرب الشمس ” من الآية ست و ثمانين من سورة الكهف: [حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ…] (86) و المجموعة السادسة مع بعض التصرف ” الماء و البنون ” اقتباسا من الآية السادسة و الأربعين من سورة الكهف :[ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا (46)] ونفس الشيء مع بعض التصرف في عنوان المجموعة القصصة العاشرة: ” يا ليتني كنت غرابا ” و أصلها الأية الأربعون من سورة ” النبإ ” : [إِنَّا أَنذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا (40)] و أخيراً المجموعة الحادية عشرة: ” أحد عشر كوكبا ” و قد اقتبست من الآية الرابعة من سورة يوسف عليه السلام: [إذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ (4)]
[2] ــ (سرق الزيت ) المراد ( سراق الزيت) و يراد به باللهجة العامية المغربية الصرصور حشرة ضارَّة لونها بين الحمرة والسَّواد ، لها قرون طوال شَعَريَّة تكثر في المراحيض والأماكن القذرة
[3] ــ معبر” زوج بغال” من ناحية المغرب أو معبر العقيد لطفي من ناحية الجزائر و هو معبر حدودي
بري ، يربط مدينة وجدة المغربية بمغنية الجزائرية.
[4] ــ وكيبيديا / www.maghrebvoices.com