أمنة برواضي في حوار ” مع الناقد”
الحلقة الرابعة عشرة من سلسلة ” مع الناقد ” الدكتور جميل حمداوي
منظر القصة القصيرة جدا في الوطن العربي.
السلام عليكم دكتور: جميل حمداوي. أولا، أرحب بكم وأشكركم على تفضلكم بالموافقة على الإجابة عن أسئلتي
1- ليكن أول سؤال من هو جميل حمداوي؟
جواب:
جميل حمداوي ناقد مغربي بسيط ومتواضع، من مواليد مدينة الناظور، أستاذ
مكون وباحث متعدد التخصصات. أي: يبحث في مختلف العلوم والمعارف وفق رؤية
موسوعية. لديه مقالات وكتب ودراسات متنوعة ورقية وإلكترونية.
سؤال :
2 – ارتبط اسم القصة القصيرة جدا بالدكتور جميل حمداوي، لا ينكر أحد
فضلكم على هذا الجنس الأدبي الجديد ودوركم في التعريف بعدة أسماء، وظهور
أقلام جديدة ودخولها ميدان الأدب من باب القصة القصيرة جدا، كما لا ينكر
أحد الإشعاع الذي عرفته مدينة الناظور باحتضانها للمهرجان الدولي للقصة
القصيرة جدا لكن المهرجان توقف فجأة وخمدت الشعلة التي كانت متأججة. سؤال:
هل ننسى ما كان من شأن مهرجان القصة القصيرة جدا بالناظور؟ أم ننتظر عودته
بشكل أقوى؟ بماذا يجيب رئيس جمعية جسور؟
جواب:
هذا صحيح، لقد أسدى
مهرجان القصة القصيرة جدا بالناظور خدمات كبرى للمدينة بصفة عامة، وجنس
القصة القصيرة جدا بصفة خاصة، ولكنه توقف فجأة بسبب غياب الدعم المادي
والمعنوي. ومن ثم، لا يمكن للثقافة أن تكون منتجا جيدا وهادفا إلا بالدعم
المستمر الذي لا ينقطع، وإلا سيتوقف هذا العطاء بشكل طبيعي.
وهنا،
نتحدث عن دور مهرجاننا في إغناء السياحة الثقافية من جهة، وتفعيل
الديبلوماسية الثقافية من جهة أخرى. وهناك بعض المسؤولين- سامحهم الله- لا
يفهمون هذا الدور المهم الذي تحققه الثقافة في الرقي بالمنتج السياحي،
والتعريف بالموروث المحلي للمدينة والوطن على حد سواء، وإطلاع الأجانب على
الثقافة المغربية وحضارتها التليدة والطريفة. لذا، كان توقفنا اضطراريا،
ولكن إذا وجدنا الدعم المناسب في المستقبل، فيمكن أن نعيده من جديد.
سؤال:
3- من موقعكم كناقد كيف ترون مستقبل النقد مع كثرة الإصدارات الأدبية؟
جواب:
يبدو أن النقد الأدبي في حركية نشيطة ودؤوبة بشكل مستمر، ويتسم بفعالية
وديناميكية بارزة ؛ بسبب وجود مجموعة من الباحثين والدارسين الأكاديميين
الشباب الذين يهتمون بتقويم الإبداع الأدبي والفني والثقافي بحيوية لافتة
للانتباه. بيد أن المشكل الأول يتمثل في ضرورة تجديد المقاربات النقدية،
والبحث عن مناهج نقدية جديدة لمسايرة الإبداعات الجديدة.
ويتمثل المشكل الثاني في كثرة المنتج الإبداعي؛ إذ يصعب تتبع جميع ما يكتبه المبدعون.
أما المشكل الثالث، فيكمن في أن أغلب الإبداعات مجرد إنشاءات تخييلية لم تصل بعد إلى مستوى الإبداع الحقيقي.
ومن هنا، لابد للناقد أن يقوم بدوره التنويري الذي يتمثل في القراءة، والتحليل، والتقويم، والتوجيه.
وشخصيا، فأنا متفائل بمستقبل النقد المغربي والعربي على حد سواء ، إذا
احترم ضوابط النقد الأكاديمي، وحاول أن يكون موضوعيا إلى حد ما بعيدا عن
النقد الإخواني والنقد التملقي الذي يسيء إلى الناقد والإبداع على حد سواء.
سؤال:
4- دكتور ما هي المواصفات التي يجب توفرها في العمل الإبداعي ليجد صداه
عند النقاد؟ وكيف يكون الناقد حياديا في تعامله مع العمل الابداعي؟
جواب:
يشترط في الإبداع الأدبي والفني أن يكون أصيلا وحداثيا، بتوظيف الموروث
الثقافي والحضاري الذي تمتلكه الإنسانية، ويكون منتجا دسما بعبق التناص،
وأريج الحوارية، وعطر التهجين والأسلبة. فضلا عن الاطلاع الكبير على ما
أنتجه المبدعون العالميون، بالعودة إلى القوالب السردية الموجودة في تراثنا
العربي الإسلامي.
بمعنى أننا نريد ، مثلا، رواية ترتكن إلى تعددية في
الأصوات، واللغات، واللهجات، والأساليب، والخطابات، والمتخيلات، والأفضية،
والشخصيات، والمنظورات، والتراكيب، والموصوفات، والبنى الزمنية السردية،
والأطاريح الإيديولوجية، وأنماط الوعي.
إذاً، نريد رواية حوارية
منفتحة قائمة على التنضيد، والأسلبة، والتهجين، والحوار الخالص،
والكروتيسك، والباروديا، والعبارات المسكوكة، والتناص الحواري، والمحكيات
المتشذرة المبنية على تعدد الخطابات، وتفاعل الأجناس الأدبية والفنية،
وتلاقح اللغات واللهجات.
وعليه، نحن ندافع عن رواية تضم جميع الأصوات
واللغات واللهجات الاجتماعية لتعبر، بكل حرية وديمقراطية ، عن الوجهات
النظر المختلفة، بحضور المؤلف الوهمي الذي يتنازل، بشكل من الأشكال، عن
سلطته لمجموعة من السراد والرواة، أو يتنازل للسراد المتعددين، أو يتنازل
للشخوص من أجل أن تعبر عن عوالمها الداخلية ومواقفها تجاه الموضوع. أي:
رواية تنبني على عتاقة اللغة، وعراقة المعجم، وتعدد المتخيلات السردية،
وتقابل العوالم الممكنة، وتوظيف التعدد اللغوي المهجن والتجريب الحواري
المتعدد. وبهذا، تكون رواية مختلفة أيما اختلاف عن الرواية المنولوجية
الخالصة والنقية التي تستند إلى الأحادية في كل شيء: لغة، وأسلوبا، وفكرة،
ومنظورا، وإيديولوجية، وضميرا، وصوتا…اي: تكون رواية تجريبية أو رواية
تراثية تأصيلية، أساسها الكولاج ومبدأ التهجين تصورا، وصياغة، ورؤية،
وتشكيلا.
ومن هنا، فليست الرواية المفضلة هي الرواية الإنشائية العادية
والبسيطة كما هو السائد الأعم في الحقل الروائي العربي، بل رواية تراثية
تأصيلية متميزة وجادة وجديدة، تحمل، في طياتها، مشروعا فكريا نهضويا، وتطرح
الأسئلة العويصة والمؤرقة ضمن رؤية فلسفية تهجينية متأصلة وعريقة، وتنتقل
من السرد إلى الميتاسرد، ومن الذات إلى الموضوع، ومن الماضي إلى الحاضر،
والعكس صحيح.
إذاً، لا ينبغي أن يكتب المبدع نصوصا سردية إنشائية كما
هو حال الكثير من الروائيين المغاربة والعرب على حد سواء، بل يكتب أبحاثا
روائية أكاديمية وعلمية جادة ورصينة ومتميزة ومهجنة بامتياز، تجمع بين
التخييل والتوثيق، بين المتعة والفائدة. ومن ثم، ليس المبدع الحقيقي كاتبا
عاديا، وليست نصوصه في متناول قراء عاديين، بل لابد للقارئ المفترض من
التسلح بعُدَة إجرائية نظرية دسمة، ورؤية منهجية واضحة وعميقة، وأدوات
حداثية سابرة وصالحة لفك طلاسم متخيلاته الهجينة، وتفسير عقد رواياته
المهجنة، واكتشاف ألغازها المتوارية، بعيدا عن النظرة السطحية المباشرة، أو
الرؤية الانتقائية المتسرعة، فلابد من تكرار القراءة مرات ومرات بغية
الظفر بالمعنى، وتحصيل الدلالة، والوصول إلى المقصديات المباشرة وغير
المباشرة، واستجلاء البنية الفنية والجمالية والأسلوبية.
علاوة على
ذلك، ينبغي أن يكون هذا المبدع المتميز روائيا حداثيا في جل أعماله
السردية، يجمع بين مبدأ التهجين ومبدأ الحوارية، والتأرجح بين التجريب
والتأصيل من جهة، وقراءة الواقع العربي بصفة عامة، والواقع المغربي بصفة
خاصة، بعين ثورية انتقادية فاحصة من جهة أخرى.
أضف إلى ذلك لابد أن
يمارس التخييل الجدلي المنفتح، بالنبش الثاقب في التراث، والتاريخ،
والتصوف، والفلسفة، والسياسة…، ينزل إلى الميدان باحثا إثنوغرافيا، أو
صحفيا محنكا، أو مبدعا حصيفا، لا يكتفي بالظاهر أو السطحي، بل يتعمق في
تلابيب الظاهرة، ويفك طلاسمها ومغالقها بمتعة ساحرة، وجاذبية أخاذة، وهجنة
واعية، وكتابة سامية ضمن رؤية ثائرة، وحوارية راقية.
أما فيما يخص قضية
الموضوعية، فمن الصعب جدا أن يكون الناقد محايدا إلى درجة كبيرة، فكل ناقد
ينطلق من أفكار مسبقة، ومن مسلمات وفرضيات معينة، ومن إيديولوجيات محددة.
وعلى الرغم من ذلك، لابد من احترام الضوابط الأكاديمية في مقاربة النصوص
ودراستها لكي يكون موضوعيا ومحايدا إلى حد ما.
سؤال:
5- ما شاء
الله أصدرتم عدة كتب في النقد لا يتسع المجال لذكرها، كما ألفتم في العديد
من المجالات خاصة السينما المسرح، …. ماذا يعني لديكم النقد؟ وإلى ماذا
يعزو الناقد هذا التنوع؟ وبعد هذا التراكم في الكتابة هل تشعرون أنكم حققتم
أهدافهم منها؟
جواب:
النقد قراءة ثانية للإبداع، وهو الذي يضفي
الحياة على المنتج الإبداعي. ومن ثم، فالناقد قارئ افتراضي بامتياز، يمتلك
مجموعة من الأدوات والتقنيات، يستكشف من خلالها عمق النص، ويستكنه أسراره،
ويستجلي وظيفته الجمالية. ومن ثم، لابد للناقد من الاعتماد على أربع خطوات
منهجية ضرورية هي: قراءة النص، وتحليله، وتقويمه إيجابا وسلبا، وتوجيه
المبدع. ومن هنا، لابد أن يكون الناقد موسوعيا لكي يكون متميزا وناجحا في
نقده، بالبحث الجاد والمضني عن مقاربات ومناهج وأدوات تحليلية في علوم أخرى
موازية.
أما فيما يخص أهدافي، فلم أحقق كل ما كنت أصبو إليه. وعلى
الرغم من ذلك، فأنا سعيد جدا لأني أسديت خدمات جلى إلى الطلبة والمدرسين
والأساتذة والباحثين، فقد خصصت لهم (موقع الثقافة للجميع) من أجل الاستفادة
منه، ولاسيما أن جل كتبه مجانية خصصت للتحميل، يمكن للطالب الاطلاع عليها
من أجل الاستزادة المعرفية، ولاسيما أنها مؤلفات متنوعة ومختلفة المشارب،
قد كتبت بأسلوب تعليمي بسيط وواضح.
سؤال:
6- دكتور اتجهتم في الفترة الأخيرة الى النشر الإلكتروني هل يعني هذا أن المستقبل للنشر الإلكتروني ونهاية النشر الورقي؟
جواب:
فعلا، يبدو أن المستقبل الثقافي والحضاري والعلمي للنشر الإلكتروني؛ لأن
الباحث لا يمكن أن يطبع كتبه كلها على نفقته. لذا، يُسهل النشر الإلكتروني
هذه العملية بيسر ومرونة وسرعة وسهولة دون إضرار بالجيب. بالتالي، تصل
المعلومات إلى القراء بشكل سريع.
وفي الوقت نفسه، لقد أصبح القارئ،
اليوم، مدمنا على المنشورات الإلكترونية والافتراضية، يتصفحها بنهم كبير.
علاوة على ذلك، فما ينشر من الكتب الورقية في المغرب لا توزع دائما خارج
الوطن، على عكس النشر الإلكتروني الذي وسع دائرة القراءة والنشر والتوزيع
والاطلاع على المنتج الثقافي والإبداعي في مختلف بقاع العالم.
سؤال:
7-ما هو موقفكم من الحركة الثقافية في الجهة الشرقية والناظور خاصة؟ وبحكم
عملكم أستاذا بماستر الكتابة النسائية والنثر العربي بجامعة عبد المالك
السعدي، هل لكم أن تقوموا بمقارنة بين المنطقتين؟
جواب:
تتميز
الجهة الشرقية بكونها جهة متميزة في مجال الشعر والنقد والإبداع الروائي
والمسرحي على الصعيد الوطني والعربي على حد سواء. فأغلب المنتجين والمبدعين
والنقاد المغاربة ينتمون إلى هذه المنطقة الهامشية. وهناك من المثقفين من
لهم صيت وطني وعربي ودولي كمحمد شكري، ومصطفى سلوي، ومصطفى رمضاني، وعبد
الكريم برشيد، ومحمد يحيى قاسمي، وجميل حمداوي، ومحمد أقضاض، وعبد الله
شريق، ونجيب العوفي، وأحمد أعراب الطريسي، وجمال الدين الخضيري، وميمون
حرش، وعيسى الدودي، وحسن الأمراني، ومحمد علي الرباوي، ومحمد بنعمارة، وعبد
الرحمن بوعلي، وفريد الرياحي، وفريد أمعضشو، وجلول قاسمي، وآخرين…
لذا، فالجهة الشرقية، اليوم، أكثر إنتاجا على الصعيد الوطني إن لم أخطئ في
ذلك، بعد أن كانت جهة الدار البيضاء متربعة على عرش الثقافة الوطنية في
العقود الأخيرة. وهنا، أناقش قضية الكم، ولا أناقش قضية الكيف. أما جهة
طنجة – تطوان، فلم تصل بعد إلى التراكم الذي حققته الجهة الشرقية كما
وكيفا، على الرغم من تاريخ المنطقة الممتد في الزمان ثقافيا وحضاريا بكل
أبعاده الأندلسية والإيبيرية.
سؤال:
8- بصفتكم تدرسون في ماستر
الكتابة النسائية بجامعة عبد المالك السعدي بتطوان هل تعتقدون أن هناك أدبا
رجاليا وأدبا نسائيا أم أن الفرق الجوهري بين كتابة الجنسين هو درجة
الإبداع وهل تحقق أم لا؟ وكيف يمكن تقييم الأدب النسائي؟
جواب:
من المعروف أن الكتابة النسائية هي التي تشخص أدبية الأنثى في علاقتها
بالرجل، وتجسد هموم المرأة الشعورية واللاشعورية، وتبين صراعها الذاتي
الداخلي والخارجي، عبر المناجاة، والبوح، والاعتراف، والتمرد؛ واستخدام
أساليب التذويت والتبئير الشخصي. لكن أهم ما يميز الكتابة النسائية هو
إثبات الهوية أو الخصوصية الأنثوية، والدفاع عن استقلالية المرأة في اتخاذ
قراراتها المصيرية، دون الاستسلام لضغوط الرجل وأوامره ونواهيه.
كما
تصور هذه الكتابة النسائية ذلك الصراع الجدلي بين الذكورة والأنوثة من جهة،
وتمزق الأنثى ذاتيا وموضوعيا من جهة ثانية. وغالبا، ما يكون بين المرأة
والرجل صراع جدلي، أو تعايش وائتلاف حميم. لذلك، تحضر عقدة الرجل كثيرا في
الكتابة النسائية إلى جانب مقومات الجسد، وما يتصل به من زواج، وطلاق، وحب،
وأسرة، وجنس، وجمال، وأنوثة، وسن، وبكارة، وعنوسة، وإنجاب، وحرية، وعمل،
ومسؤولية …
علاوة على ذلك، تتسلح الكتابة النسائية بسلاح التأنيث أو
المؤنث في مواجهة الذكورة التي تحيل، في متخيل المرأة، إما على الرجولة،
والفحولة، والقوامة، والقوة، والمسؤولية، والقيادة…؛ وإما على الغطرسة،
والتحرش، والعنف، والاستعباد، والاغتصاب، والترهيب، والظلم…
إذاً،
هناك أدب نسائي وأدب رجالي. فمن خصوصيات الكتابة النسائية الانفعالية،
وهيمنة الوظيفة التعبيرية، وغلبة الذاتية، واستعمال ضمير المتكلم،
والاهتمام بالبوح والاعتراف، والاعتناء بكتابة الرسائل، والابتعاد عن
التفكير العقلاني المنطقي، والتركيز على الذات، والأسرة، والزواج، والطلاق،
والعنف الأسروي، والتحرش الجنسي. ناهيك عن تناول مواضيع الجنس، والجسد،
والحب الإيروسي، وجدلية الذكورة والأنوثة، والابتعاد عن الوصف الطويل،
والتركيز على المأساة، وإدانة فحولة الرجل وقمعه الشرس…، على عكس الكتابة
الرجولية التي تتميز بالطابع العقلاني الهادئ، وهيمنة الكتابة الموضوعية،
والاستعانة بالحجاج العقلاني والمنطقي، والاستقصاء في الوصف، والاهتمام
بالمواضيع السياسية والواقعية ذات الطابع التحليلي، والجرأة في النقد،
والابتعاد عن البكائية والانفعالية، والاهتمام بالغير أكثر من الاهتمام
بالذات …
ومن هنا، يمكن تقويم الكتابة النسائية وفق المعايير
الجندرية، وفي ضوء الوظيفة الأدبية النسائية والنسوية على حد سواء،
بالتركيز على المضامين، والأشكال، والرؤى.
سؤال:
9- ما هي رسالتكم للمبدعين خاصة الشباب منهم؟
جواب:
أحث الشباب المبدعين على كثرة القراءة، والتحكم في اللغة العربية وآدابها
وعلومها، والتمكن من اللغات الأجنبية، واستيعاب التراث العربي الإسلامي،
والابتعاد عن الكتابة الإنشائية، وتحويل الإبداع إلى بحوث أكاديمية دسمة،
والتزود من معين الفلسفة والفكر الإسلامي، والنبش في التصوف، وكثرة الكتابة
لتحقيق الكم والكيف على حد سواء.
سؤال:
10- بصفتكم تعملون على
تأطير الطلبة الأساتذة بمركز التكوين بمدينة الناظور ما هو تصوركم للتعليم
في السنوات القادمة؟ وماهي المادة التي تتمنوا أن يتلقاها الأستاذ الطالب
الى جانب ما يتلقاه في مراكز التكوين والتي يمكن أن تعيد شيئا مما ضاع
لمهنة التعليم؟
جواب:
بالنسبة لي، أريد أن يكون التعليم مبنيا
على البيداغوجيا الإبداعية من جهة أولى، والاستفادة من نظرية الملكات من
جهة ثانية، وتشجيع المتعلم على التفكير النقدي والتقويمي من جهة ثالثة.
بمعنى أن يكون التعليم في خدمة النموذج التنموي الجديد، وفي خدمة التنمية
المستدامة، يسهم في الرفع من مستوى النمو الاقتصادي، ولن يتحقق ذلك إلا
بتكوين الأطر والمكونين والإداريين بشكل مستمر، والانفتاح عن التقنيات
التربوية المستجدة، والاستفادة من النظريات التربوية التي تؤدي إلى تحقيق
التنمية المجتمعية الشاملة.
أما فيما يخص المواد التي يمكن إضافتها إلى
المقررات الدراسية، فلابد من التركيز على سيكولوجية الطفولة، وسيكولوجية
المراهقة، وتدريس الفلسفة وعلم النفس وعلم الاجتماع، والاطلاع على مقرر
النظريات التربوية، وتدريس علم الإحصاء التربوي، وتحليل المضمون، ومناهج
البحث التربوي، وتدريس القانون الإداري المتعلق بالوظيفة العمومية، إلخ…
سؤال:
11- يلاحظ أنكم قد ابتعدتم كثيرا عن الاهتمام بالثقافة الأمازيغية بمنطقة بالريف في السنوات الأخيرة؟
جواب:
فعلا، هناك نوع من الانزواء وعدم الاهتمام بالثقافة الأمازيغية، ولكني من حين لآخر أسهم في إثراء هذه الثقافة بكتبي ودراساتي المتنوعة. والسبب في ذلك اهتمامي الواضح باللغة العربية بشكل كبير؛ ليس لأني عروبي كما يتهمني أبناء جلدتي، بل بسبب تدريسي للغة العربية أكثر من اثنتين وثلاثين سنة. ولكن لدينا مشاريع شخصية تتعلق بتاريخ الريف والموريسكيين، والرواية الأمازيغية، والحكاية الشعبية، والأدب الشعبي بمنطقة الريف. علاوة على أعمال أنثروبولوجية أخرى تتعلق بالإنسان الأمازيغي وثقافته وحضارته.
شكرا لكم أستاذي الفاضل، وفقكم الله في مسيرتكم
د جميل حمداوي منارة النقد و البحث و الدراسة..بحر بدون ساحل، أمواج متلاحقة ،كلها عطاء و إفادة و في فنون و أجناس مختلفة، تشعر و أنت أمام هذا الفيض أنك تغرق في موسوعة ضخمة ، و تسبح في فضاء من المعارف، و العلوم، و الثقافة…
احتار في شأنه الكثيرون، و تقوّل عن كتابته المتقولون، و لكن قلّة قليلة من تصفّحت كتبه بالتّحليل و النّقد البنّاء.. و الكثرة الكثيرة اكتفت بالانبهار، و الحيرة، و التساؤل…حقاً الأستاذ د جميل حمداوي ظاهرة نقدية أدبية غريبة. و الغرابة ليس فقط في كمِّ ما أنتج من كتب مختلفة .. بل الغرابة في الذي تحتويه هذه الكتب، من حيث أفكارها، و طرائق كتابتها، و تصنيف أبوابها، و العناية بمصادرها و مراجعها..
شيء مبهر…يدعو للدراسة و البحث، و لعلي و قد تعاملت مع انتاجه النقدي من خلال كتابي ” النقد التطبيقي” أجدني أدرى بإمكاناته، و عطاءاته و أفكاره .. فحفظه الله ناقداً متميزاً ، و باحثاً مجدّاً، و مبدعاً مِعطاء….تحياتي
مسلك