الرّأس و القبّعة / محمد زفزاف

محمد زفزاف

( 1943 – 2001 )

” الرأس و القبعة “

ألقى مـحمد زفزاف قصيدته “الرأس والقبعة” في مهرجان شفشاون الشعري (سبتمبر 1968 ) إلى جانب شعراء

كلاسيكيين وشعراء تفعيلة. وقد كانت ردود فعل المشاركين يومذاك مختلفة ، بعضهم انسحب ، وبعضهم هاجم “الرأس والقبعة”. لكن البعض الآخر عانقها بحرارة ودافع عنها بحماس . وقد وصفتها جريدة “العلم ” بأنها ” تفيض بالصدق ” وأنها حجر يكسر هدوء سطح الماء .

أيها الشعراء

يا أصحاب القصائد المقفاة

يا تماثيل من التبن

أتحداكم

جميعا ، وأكتب قصائد

محترقات من البلاستيك

من الميكا ومن جذوع الأشجار …

أهشم القوافي،

أدوس الخواطر المصبوغة

بدماء مفتعلة ..

أكتب أشعاري

كما لم يكتبها أحد من قبل …

أغنيكم جميعا، أغني الأطفال،

أتمثل شاعرا مغتربا

فوق جسده قبعة بلا رأس .

يا شعراء الورود الذابلة،

أفيقوا، فإن والت ويتمان يدعوكم

من قبره الطيني، من حجرته المظلمة

من فوق رؤوس

أحرف قصائده،

قصائد لعمال الطرقات،

لأرقام البنوك، وأطفال في المعامل

لا يجاوزون الثانية عشرة .

دعوا العذارى الصاعدات من البحر .

وإن البحر والأوارق الميتة الذابلة

وأنين المواقد، ونبات الفوجير

والقرميد األحمر الملطخ ببراز العصافير

وإن كل شيء، يا شعراء التماثيل

المحطومة في ساحات التاريخ القديم،

في دهاليز الموتى، وفي أجنحة القصور والمعاقل،

كل شيء أيها الشعراء،

يرقص، فدعوا العذارى الصاعدات من البحر

ودعوني أرقص، فإن نغمتي منفردة …

قرأت وردزورت،

فرلين، وكيتس

عندى انطباعات أولية عنكم

عن الأحجر والأظافر

عن السلاح وأقلام الرصاص المستوردة

عن الممحاة والدفاتر،

عن الطفولة، عن الماضي، وعن الحاضر

عن طفلة مشوهة تحب رجلا في الأربعين،

تحبني، لا تحب أشعاركم،

يا شعراء ليست لهم ذوات

ليست لهم أحرف ولا خواطر

ويعتقدون أنهم

وأنهم مختزنون في الذاكرة

الواضحة،

في ذاكرة التاريخ التي لا ترحم

التي تقبر كل شيء ، إلا ” البيست سيلر “

امزجوا أحرفكم بالجاز

امزجوها بقطع البلوز الحزينة

استعيروا األلوان من براك

ومن دوستال ومن بيكاسو

لا تعيدوا التاريخ ، فإن التاريخ ليس موجوجا

خذوا أصابع من الطباشير

وارسموا على لوح أسود

ما يخطر لكم، فذلك هو الشعر .

يا أيها الشعراء – الفقاعات

يا قابعين في أقبية التاريخ

دعوني أغني فإنني أعرف

أنكم ستمنعونني من الغناء، فدعوني

لقد دست قواميس اللغة ، دست كل شيء

أنا لست إلا راسما على قلوب الأطفال

بذور المحبة، بذور الجنس، بذور الأزلية

دعوني أغني ولا تمنعوني

أيها الجلادون، يا سالخي الكلمات

من مضامينها،

ويا سارقي أفكار جدودكم الأقدمين

أحبكم وأعرف أنكم لا تحبونني

لأنني نغمة منفردة، ولأنكم لا شيئ ..

تشبهون بعضكم، وأنا لا أشابهكم

أحبكم فاحتضنوني .

اتحدى كل آلة تقول الشعر

فاسمحوا لي برقصة فالس قصيرة

يا شعراء، أقدامهم لا تقوى على الوقوف

اسمحوا لي، فأنا أبحث

عن جواز سفر إلى الشمس

حيث منبع إلهامي،

وحيث استطيع أن أقول ما أشاء

وارسم ما أشاء

على ألواح من الأردواز

رمادية وسوداء . “

منقول

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.