تزأر الكلمات/ قصيدة لشاعر الخضراء أحمد امباركي

*** تَـــزْأرُ الكَلِمَــاتِ ***

(بحر البسيط)

جَمّعتُ فـــــي مُقلتي الأنهارَ والشّهُبَا
حتّى تهاطلَ ما فـــــي القلب والتهبَا
وغُصْتُ فــــي الــــماء أزمانًا بلا بَللٍ
وأوقد الجسمُ ذاك الجمرَ والحَطبَا
فمن مضائي يجــــــوب النَّسرُ أروقة
ومن بهائي تراءى الــــــبحر مُـــرتَعِبَا
ومن جِراحي تهيم الــــــرّيح مُــعْوِلَةً
وفــــي شِعابي جرتٔ أفراسها خببَـــا
ومن أنيني يــــجيء الـــحرفُ متّقدًا
يفري الجبالُ وتروي نارُه الــــــسُّحُبَا
ومن نشيدي رُعود الصّدر هــــــادرةٌ
ومن دمائي شدت أكــــــبادُهم أدبَـا
فإن بعدتُّ أُغَشّي الكونَ حــالكــــةً
وإن قرُبت جــعــلتُ النّورَ محتجَبَـا
كيف السّبيلُ وهـــذي الأرضُ ضيِّقةٌ
سَمَّ الخِياط وما أوســعتُـــها عــجبَـا؟
كيف السّبيل وذاك اللّيل معتكـــــر؟
أنّى التــــــوجّه كان الــــغيم قد لجِبَـا
بي سارت النّسماتُ الـهونُ عاصفـةً
وحيث شـــــئـــتُ رُخاء تقتفي النُّجُبَـا
بي رجّع الرّعدُ تـــــــسبيحا على شفقٍ
وأومض البرقُ في الأضلاع واضطربَا
مــــكـــــثتُ فـــــي زُبُر الأيّام طلسمةً
ما افتُـــضّ خاتم كنزي بل وما سُلِبَـا
وسِرتُ فــي أنفس الإصباح ملحمـةً
توزّعت طيَّهــا أفـــــهــــامُهــــم شُعُبَــا
وقدتُ تلك الطّيورُ العُصم فـي غسقٍ
نحو الجزائــــــر كم خـــــرّقتُها الحُجُبَــــا
بي أشرق الحرفُ شمسًا في جوانحِهم
حيث التفتُّ يشِـــعُّ الضّـــوءُ مختضِبَا
أهديتُ في المَحْل أشياخَ الــورى أملاً
أهديتُهم من بديع القول ما عَــــــــذُبَـا
وصرتُ أُرجوحةً فـــي كــــفّ ناعمـةٍ
وصــــــــرتِ بارقــة ترنو لــــــمن قَطُبَـا
جلستُ بين الغيوم الــسّود مـــــبتسِمًـا
حتّى تعجّب منّي كلّ مــــــن شــــحُبَـا
فـي عرش بِلقيسَ كنت الدُّرَّ مستتــرًا
كشفتُ للهدهد الحادي سَنَى الخُطَبَـا
لــــــــولاي مـــا كان سُدُّ القوم ملتئمًـا
لــــمّا رحــــلتُ تـــــــولّى جِــــــذرُه خَرِبَـا
فـي جـــوف نابغـــةٍ أشعلتُ عاصفــــةً
وقدتُ قيسا إلى الـتَّهمام مـــــغــــترِبَا
فـــــي زيّ ليلى ولُبنـــى كنتُ مختَفِيًا
فــي زيّ سُعدى ألاقي العُجم والعَرَبَــا
وفــــي قميص زُهير فِضتُ موعــظـةً
من جبّـــة البُحترِي أخرجتُـــــه الذَّهَـبَـا
مــن سيف عنتـرةٍ أطلـــقــتُ زوبعـةً
جعلتُ فيهــا الأعادي تصطــلي كُرُبَـا
أنــا الذي ألـــــــهم الــــكِنــديَّ ملحمــة
أحـالـت القلـــبَ نــارًا خلّــــدتْ حَلَــبَـا
ذاك الــــدّمشقــــي وسَيّـــابًا رَمـيتُهُمــا
فـي موقـد الحرف حتّى يوقَدَا طرَبَـــا
أنــا الــذي حــــطّـم الأغـــلالَ قاطبـــةً
وأطلق الجِنّ تبنـي الــــصّــرْح والقُبَبَـا
أنــا الـذي ألـــــقـــم الـــكُهّــان لُؤلـــؤةً
أضـاءت الشِّعْـبَ والأجيالَ والحِــقَبَـــا
فكـيف أُبــلـى وأثوابـي مـزخــرفـــــةٌ؟
وكيــف أُنسـى وأغصاني حَوَتْ رُطَبَـا؟
حِـــصنـي منيــعٌ يصـدُّ اليَوْمَ أغرِبَـــــةً
إن تهــدِموه تكونوا فـي الدُّنـى لُعَبَـــا
حصنــي مـنـيــعٌ يـردّ الآن مغـتـصِـبَـــا
إنِّــــي أُجمّـــعُ هذا الجيــلَ كَيْ يَثِبَـــــا
32-فـالفَـجـرُ آت وإن قُـدّتْ مـراكـبُــهُ
من كــــان يطلُبُـهُ فـلْيُـــــدْرِكِ الطّلَبَـــا.

توزر في : 05 جانفي 2011

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.