من وحي ذكريات المكتبة..
كانت مكتبة البلدية هادئة كعادتها في ذلك الصّباح من شهر مارس . لا تُسمَع بالكاد إلا همسات بعض الرّواد . كنت بين صفوف الكتب أبحث عن أي كتاب أقرأه. و لم أتناول مصادفة إلا كتابًا لفريدريك كهن مُعرّبًا.. فما أن وضعتُه على الطاولة. حتّى التفت إلي شاب عشرينيّ، و مضى ينظر إلي باستغراب و اندهاش.. لم أهتم بنظراته القاسية، و لكن اندهشت حين أخذ منّي الكتاب و أعاده إلى مكانه، و جاءني بمجلة للأطفال.. فشعرت بحيف قاتل. و أخذت أتصفّح المجلة بلا رغبة و لا اهتمام …و أبادله نظرات الغضب إلى أن غادر القاعة. فاستعدت الكتاب، و ذهبت به توا إلى القيّم لأستعيره. فما أن رآه حتّى أخذ يهزّ رأسه يمينًا و يسارًا و قال:
ــ من عطية الإبراشي و قصص الأطفال إلى فريدريك كهن و ( حياتنا الجنسية :مشكلاتها و حلولها)؟!
ثم نظرني شزرا و بارتياب و قال: جيل و أيُّ جيل؟! أعد الكتاب إلى مكانه…!
أعدت الكتاب مشدوها، و نظرات فضولية تلاحقني باستغراب ، و الحيرة تعقدُ لساني، و الأسئلة تضجُّ في رأسي الطفولي الصّغير .!!
*مسلك *