سجعية : تأبين أميرة المسرح المغربي نعيمة الَمشرقي
أحيانًا تَسْتعْصي الكَلماتُ و تًتجمَّدُ العَبَراتُ ./ فَلا النُّطقَ يُسعفُ كَليمًا و لا تُجديهِ القَطراتُ./ فَيزدادُ أَلمُ الفَجيعِ أَلمًا و تَتضاعَفُ النَّكباتُ ./ مَلي بِكلامٍ إذا قُلتهُ خفّتْ أزماتٌ و حَسَراتُ؟/ مّلي بِدمعٍ إذا جَرى اغْرورقَ فقٌدٌ و جَمراتُ ؟
نجْمَةٌ كانتْ و كانَ ِضياؤُها لا تَحدُّهُ الصِّفَاتُ ./ إنْ قامَتْ كانَ الدَّورُ واقِعًا و دونَهُ الرَّغباتُ ./ دَورٌ كَأنَّما فُصِّلتْ حَيثِياتُهُ فَتمَّتِ المَقاساتُ ./ فجالَ الإبْداعُ تَشُْخيصًا لا تجاريهِ التَّمَثلاتُ./ رَوعةُ اتْقانٍ و فَنٍّ تَعْجِزُ عْنَ وصْفهِ الكلماتُ./
أنَعيمةُ و إنْ كانَ الرَّحيلُ حقًّا تُساورُهُ القُدُراتُ./ و لا مناصَ منْ أَجَلٍ مَحتومٍ لا تَعْقبهُ لَحَظاتُ./ سَتبقَى ذِكْراكِ أحداثاً يرويها رُكحٌ وشَّخْصياتُ./ سَتَبقَى بَسْمتُكِ ضِياءً لا تَحْجُبهُ عنَّا السَّنواتُ ./ فرَحِمَكِ اللهُ أميرةً اسْتُبيحَتْ لِرَحيلِها العَبَراتُ./
* مسلك *
المرحومة نعيمة المشرقي
دبلوماسية الفن والترافع المدني
محمد بهجاجي
برحيل نعيمة يكون اسم كبير قد التحق بنداء الله مخلفا الحزن الكبير الذي يواكب دائما غياب الأسماء المؤثرة في صناعة مشهدنا الفني.
الحاجة نعيمة عضو وازن في بيتنا الأسري الصغير، ولكنها في الوزن الأكبر من اللواتي صنعن بداية المسرح المغربي قبل إسهامها المميز لاحقا في شاشات التلفزيون والسينما.
عرفتها، لأول مرة، سنة 1973 في الأعمال التلفزية الأولى مثل “المنحرف” رفقة محمد مفتاح وعبد اللطيف هلال وسعد الله عزيز وخديجة أسد وصلاح الدين بنموسى وعبد القادر مطاع، بإخراج زوجها، الكبير عبد الرحمان الخياط (خريج المعهد العالي للدراسات السينمائية “ليديك”) سنة 1962، والذي ستتوثق معه خطاي بعد الانتساب لأسرته الكريمة.
في السياق ذاته، وبعد التعرف الجدي، أدركت أنها كانت قد رسمت خطوها الأول الأساسي عبر فرقة الرائد الطيب الصديقي الذي تبوأت معه الخشبات بعد حضورها في “قصة الحسناء” و”سفر شون لي” و”مولات الفندق” عن لاكونديرا لكولدوني وفي “محجوبة” عن مدرسة النساء لموليير ( من 1960 إلى 1961)، وفي “المصادفة” لماريفو 1962 و”مومو بوخرصة” لأوجين يونيسكو 1964 و”سلطان الطلبة” 1965 و”مدينة النحاس” 1966 ثم “ديوان سيدي عبد الرحمان المجذوب” 1967…
بعد هذه التجربة كانت المعمورة التي كان عبد الرحمان الخياط أحد أعمدتها الأوائل حيث شاركت في مسرحية “فليفلة” عن “أرلوكان خادم السيدين” لكولدوني بإخراج الخياط 1968 و”الفضوليات” عن “النساء العالمات” لموليير بإخراج عبد الصمد دينية ثم مع عبد الرحمان الخياط في “الناعورة” 1970 .
من ثم تكرست عنوانا كبيرا للاختيار الفني الراقي الذي يناهض، بلا صخب، تيار الرداء والابتذال.
الأكثر من ذلك انخراطها في دعم الفنانين الشباب، وفي نصرة العمل النقابي التأسيسي عبر تحملها لعدد من المسؤوليات في النقابة الوطنية لمحترفي المسرح، وكنت رفقتها في أول لجنة لدعم الإنتاج المسرحي سنة 1998.
ثم اختارت، في لحظة وطنية رفيعة أن تتحمل مسؤوليات أطر مدنية لنصرة قضيتنا الوطنية، ولخدمة مهام “اليونيسف” كسفير للنوايا الحسنة.
سينمائيا، كان لحضورها المبكر بصمتة خاصة.
هي ممثلة تروض الصورة ببلاغة الصمت وجدل الحضور والتواري كما في فيلم “بادس” و”البحث عن زوج امراتي” واللائحة طويلة…
أما في التلفزيون فلقد كان اسمها وحده معادلا للمهنية والجودة ضمن نفس اختياراتها الراقية.
لأجل ذلك يصعب تصور مشهدنا الفني الوطني بلا نعيمة بنت درب السلطان. بنت وطننا الجميل الممتد عبر شغاف القلب.
الآن، نعيمة في وضع الغياب الذي له بُعْد التأثير الدائم الولّاد وإشارات التكريم الممتد.
رحمها الله وشملها بواسع مغفرته، والعزاء لكل أفراد أسرتها الطيبين، زوجها الكبير الحاج عبد الرحمان الخياط وأبنائها هشام وبسمة وياسمين، وأسرة الخياط: الحاجة الكبيرة، والمخرج السينمائي والتلفزيوني مصطفى الخياط، والمخرج المسرحي عبد الحق الخياط رفيقي في جمعية الرواد ومسرح الهواة منذ السبعينيات…
* في الصورتين رفقة المخرج العزيز السي عبد الرحمان الخياط، رفيق دربها من البدايات إلى الامتداد.
نعيم المشرقي رفقة زوجها عبد الرحمان الخياط