ليلة قدر مصطفى أمين !
– أثناء سجن الكاتب الصحفي الكبير مصطفى أمين، رئيس تحرير جريدة الأخبار سنة 1965 صدر قرارًا بمنعه من الأكل والشرب؛ لإجباره على تغيير مواقفه.
في اليوم الأول لم يجد ما يشربه، فشرب من ماء الاستنجاء، وفي اليوم التالي وجد الإناء خاليًا؛ لأنهم اكتشفوا أنه يشرب منه، حتى أنه اضطرَّ أن يشرب من ماء البول، لفرط عطشه، وفي اليوم الثالث، لم يجد ما يشربه حتى البول، بسبب الجفاف الذي كان يعاني منه.
وبينما هو يدور كالمجنون في زنزانته من شدة العطش، وأصابه الإعياء وبدأ يترنح، فإذا بباب الزنزانة يُفتَح بهدوء، ثم رأى يدًا تمتد في ظلام الزنزانة، تحمل كوب ماء كبير مثلج، تصور في بادئ الأمر أنه هذيان أو غيبوبة السكر، مدَّ يده ليتناول الكوب، فوجد ضالته، ماءً باردًا، رفع رأسه فإذا بحامل الكوب يضع أصابعه على فمه، وكأنه يقول له لا تتكلم، اشرب الماء بسرعة، شرب الماء وهو غير مصدق لما حدث.
ويقول صاحب فكرة ليلة القدر في أخبار اليوم، إنَّه ألذ كوب ماء شربه في حياته، ثم اختفى ذلك المجهول بسرعة، لكنَّه عرف ملامح وجهه، وعندما خرج في الغد للتريُّض خارج الزنزانة، رأى الذي سقاه بالأمس وعرفه، فهُرِعَ إليه مهرولاً ليسأله: أأنت الذي، ولم يدعه يكمل، نعم فقال له: لماذا فعلت ما فعلت؟ لو كانوا ضبطوك لربّما فصلوك من عملك”.
فرد الحارس: يفصلونني فقط؟ إنهم سيقتلونني رميًا بالرصاص، إذًا ما الذي جعلك تقوم بهذه المخاطرة؟ قال: إنني أعرفك وأنت لا تعرفني، منذ 9 سنوات تقريبًا، أرسل فلاح في الجيزة خطابًا إليك يقول فيه: إنه فلاح في إحدى القرى النائية وكلُّ أمنينه أن يشتريَ جاموسة ليعيل أسرته، ويعيشَ على خيرها، وأنه مكث 7 سنوات يقتصد في قوته وقوتِ عياله، حتى جمع مبلغًا من المال، ثم باع مصاغ زوجته، واشترى بالمبلغ جاموسة، وبعد فترة وجيزة، ماتت الجاموسة، وحزن عليها حزنًا شديدًا، حكى لك ذلك الفلاح قصته، وتمنّى عليك أن تهديه جاموسة بدل التي ماتت، وبعد شهور قليلة، دُقَّ باب البيت الصغير الذي يملكه الفلاح، فإذا بفتاة تجرُّ خلفها جاموسة تقول: أنا محررة من جريدة “أخبار اليوم”، هذه الجاموسة مهداة من الأستاذ مصطفى أمين، رئيس تحرير الجريدة.
ويواصل الحارس الأمين قائلاً: هذا الفلاح الذي أرسلتم له الجاموسة منذ 9 سنوات .. هو أبي !
◘«صنائع المعروف تقي مصارِع السوء»