في مثل هذا اليوم منذ 602 سنة، أي في 21 غشت من سنة 1415، سقطت مدينة سبتة في يد الاحتلال البرتغالي، وارتد عن أسوارها المغاربة مفترقين فراقا لم يكن يتوقع أحدا أن يطول كل هذه القرون، ويُسجل في التاريخ كأطول احتلال “شاذ” شهدته البشرية.
كان سقوط سبتة بمثابة إعلان عن نهاية القوة والحضارة الاسلاميتين في المغرب الاقصى والأندلس، وبداية صعود القوى المسيحية الصليبية بقيادة اسبانيا والبرتغال، إذ كانت أول مدينة عريقة يحتلها المسيحيون في المغرب الاسلامي، حتى قبل أن تسقط غرناطة الاندلس بشكل نهائي.
هذا الاحتلال الذي بدأ برتغاليا وانتهي الان اسبانيا، رغم ما تخلله طيلة فترته من صراعات بين البرتغاليين والاسبان على المدينة، إلا أنه ظل فارضا سيطرته على سبتة ومتصديا لأي محاولة مغربية لإعادتها إلى أرض الوطن وحضن المغاربة.
صمود البرتغاليين والاسبان في الابقاء على سبتة تحت الاحتلال، لم يستوعبه المغاربة، لم يستوعبوا أن يظل الفراق طويلا عن مدينة كانت مدينة العلم، وأنجبت العديد من العلماء وعلى رأسهم الادريسي صاحب أول خريطة تٌرسم للكرة الارضية عرفها البشر، فلذلك حاولوا مرارا لفتح سبتة من جديد.
هي محاولات كثيرة، غير أن أبرزها تبقى محاولة السلطان العلوي المولى اسماعيل في سنة 1694 الذي حاصر سبتة أطول حصار في التاريخ، ودام أزيد من ثلاثين سنة، في محاولة صلبة وعنيدة لطرد المحتلين من هذا الثغير المميز، إلا أن المحاولة انتهت في 1724 دون أي تحرير.
الآن تمر 602 سنة بالتمام والكمال وسبتة منقطعة الصلة بمحيطها والموطن الاصلي الذي تنتمي إليه، 6 قرون من الفراق، أي ما يمكن أن يعادلها 10 أجيال من المغاربة وولدوا ورحلوا دون أن يدخلوا مدينتهم الحبيبة “آمنين مطمئنين”، ولا زالت هذه الحكاية المؤلمة مستمرة.