كتب العربي بنجلون ·
ـ في ذكرى رحيل المسرحي أحمد الطيب العلج :
لعائلة العِلْج قصة وأية قصة!..فهي تعود إلى سنة 1760 ميلادية، عندما أراد الْملك مُحمد بنعبد الله بناءَ مدينة الصويرة، لتكون ميناء، يصل الْمَغربَ بسائر دول العالَمِ. ففي ذلك العهد، أحضر من إنْجلترا أربعَمِئَةِ مهندسٍ. وبِما أن هذه الأُطرَ، لقيت العناية فإنّها أعلنتْ إسلامَها، وفضّلتِ البقاءَ في الْمَغرب، فأطْلِقَ عليها اسم (العِلْج ـ الْعُلوج) بالكسر، وإنْ كان ينطق بالفتح تَخْفيفا!..ولِهَذا الاسْم معنيان : الأول، عِلاجٌ، أي مُزاولة العمل، كالتشييد والصباغة. والثاني، الْمُهاجر الأوروبي. إذنْ، كان الراحلُ أحْمَدُ يَجُرُّ خلفَه تراثا حضاريا، مزيـجا من العطاءِ الغربي والعربي، في 9 سبتمبر 1928 وُلِدَ بِمَدينة فاس، نشأ بين جلسات الذِّكْر، وليالي الْمَديح النبوي، وترديد قصائد الْمَلْحون، التي كانتْ تُقام وتُنَظّم في بيته الأندلسي، بين الفينة والفينة. غير أنَّ شوقَه إلى العلْم والْمَعرفة، دفعه إلى السفر لبعض الدول العربية والأوروبية سنة 1960، للنَّهْل من رُواد الْمَسْرح فيها، فأثْرى ثقافته وتَجْربته، بِما تَحَقَّق في تلك البلاد من إنْجازاتٍ فنية. والْحَرِيُّ بالذِّكر، أنَّ الراحل كان أستاذا بالْمَعْهد الْمَسْرحي، وكاتبا صِحافيا بوزارة الأنباء، ورئيسا لِمَصْلَحَة الشؤون الْمَسرحية، وعضوا باتِّــحــاد كــتــاب الْـمَـغْـرب مــنــذ 1986..ونــال جــائــزة الآداب الْمَغربـية فــي1973 ووسام الاستحقاق الفكري من سورية في 1975.
وحاول أحْمَد أنْ يُجَدِّد لَهْجَةَ الدارجة الْمَغربية، فيجْعَلها ما بين العامي والفصيح، أو إذا شِئنا أنْ نذهب بعيدا، نقول إنه ارتقى بِها إلى لغة ثالثة، لا تُمَيِّز بينها وبين الدارجة والفُصحى. إذ لَمْ يُغْرِقْ في نَهْر العامية، ولَمْ يُقَعِّرِ اللغة العربية، إنَّما أراد أنْ يوَفِّق بينهُما، حتى يقطع مع الْماضي، ويتطلّع إلى الْمُسْتَقْبل، الذي بلا شكٍّ، تدل الدراسات اللغوية واللسانية.
أما إنْتاجاته الْمَسرحية، فلا تُعَدُّ ولا تُحْصى، فنجِد أكثر من خَمْسةٍ وعشرين مسلسلا إذاعيا، وبرامجَ تُباشر الأحاجِيَ والْحِكَمَ والأمْثالَ الْهادفةَ، الدَّالّة على القيم الإنسانية العليا والْمَبادئ الْمُثْلى، سواء مع الصغار أو الكبار، ومَغْرَبَة النصوص الأجْنبية، من مثل مسرحيات موليـير((الْحاج العَظَمة)) و((مْريض خاطْرو)) و((وَلِي الله)) وله نصوص بالفصيح، كـ((بناء الوطن)) و((السعد)) و((دعاء القدس)) و((جُحا وشجرة التفاح)) نشرها مابين 1980 ـ 1988. ومسرحية مشتركة مع الزعيم عبد الْخالق الطُّرِّيس موسومة بـ((اِنْتِصار الْحَق بالْباطِل)) ونصوص بالدارجة، كَـ((حادَّة)) أولى مؤلفاته، أعْقَبَها بـ((عَيْطونَة)) و((الشَّطَّابْ)) و((عْزيزي أنا)) و((النَّفْخة)) و((طالَبْ راغَبْ)) و((الشهيد)) و((الْمْعَلَّمْ عَزُّوزْ)) و((حْليبْ الضْيافْ)) و((مْلاكْ الدْويرَة)) و((الْبَلْغَة الْمَسْحورة)) و((النَّشْبَة)) و((السَّاعات))..!٥١
موقع الدكتور مسلك ميمون