كم كنتَ وحدَكَ والجميعُ قعيدُ
وسكوتُهم في مِعصمَيْكَ قُيودُ!
يشكونَ هدْرَ الوقتِ حينَ ينوبُهُمْ
بعضُ العِتابِ فلِلكلامِ حُدودُ!
قُمْ واقرَأ التاريخَ مُنذُ عرفتَهم
خلفَ المدى صمتاً وفيهِ وَعيدُ
وحرابُهُم مَسنونَةٌ وسيوفُهم
شُرِعتْ وجُرحُكَ للسيوفِ بُرودُ
كمْ مِتَّ وحدَكَ في العَراءِ مُضرَّجاً
ودموعُ عينِكَ شاهدٌ وشهيدُ!
وغرِقتَ في الحُلم البريء ولمْ يزلْ
يحكي البراءةَ والنزيفَ وريدُ
قتلوكَ ..كمْ قتلوا البراءةَ حينَما
صَعدوا على الأكتافِ حينَ تَجُودُ
وتبرّأوا من كلّ فعلٍ مُشرِقٍ
وتَلاوَموا والحادثاتُ رُعودُ
رقَصُوا على الحبْلَيْنِ حينَ تَسَنّمُوا
قِمَمَ العروبةِ والرجالُ رقودُ
وتآمروا سِرّاً عليْكَ وقولُهُم
كَذِبٌ علانيَةً عليهِ شُهودُ
مَنْ باعَ أرضَكَ بالمنامةِ باعَها
مِنْ قبلُ..آباءٌ لهُ وجُدودُ
وبكى معَ الباكينَ حينَ تشاءلَتْ
أيّامُكَ السوداءُ وهْوَ سَعيدُ
لا تعتَبَنَّ على صغيرٍ صاغرٍ
فالكلُّ في فلَكِ الغزاةِ جنودُ
لا سادةٌ فيهم ولا أسيادُهم
يرضُونَ أنْ تحنو عليكَ قُرودُ
فاغسِلْ يديْكَ من الجميعِ لأنّهم
كلٌّ أمامَكَ غارمٌ وحَقُودُ
“فأبو إيفانكا” إنْ تكلّمَ أمَّنُوا
سَمعاً وطوعاً فالقطيعُ عَبيدُ
وإذا نَبستَ بأيِّ حرفٍ لا تلُمْ
أحداً سِواكَ ففي العَراءِ طَريدُ
“عِشتَ السنينَ مُشرّداً لا تنحني
وهمُ انحناءٌ كالحٌ ومَسُودُ
يرمونَ روحَكَ بالجمارِ وكلُّهم
لأبي رغالِ حفيدةٌ وحفيدُ
أمراءُ في عُرْفِ الشعوبِ وما همُ
إلاّ لحُلمِ الأجنبيِّ وَقودُ
كم كنتَ وحدَكَ في الخيامِ وقبلَها
بيروتُ يَرويها هناكَ صُمُودُ
وظمئتَ في الصحراءِ تكتُبُ قصّةً
بِدَمٍ ..وَنَزْفُ الساقياتِ نَشيدُ
وهمُ يدُكُّونَ الحُصونَ بنَجدَةٍ
وتَمَلُّ منهم حانَةٌ ونُجُودُ
يَلهونَ مثلَ العيرِ في عَرَصاتِها
وعلى كؤوسِ المُنكراتِ أسودُ
وإذا تناخى الأجنبيُّ وجدتُهم
خدَماً وكُلٌّ في الولاءِ عَميدُ
فانظُرْ إلى البحريْنِ كيف تَهافَتُوا
زُمَراً وكلٌّ كالجنيبِ مَقودُ
باتَ الهَوانُ على الرؤوسِ مُخَيِّماً
لا حِسَّ فيهم فالجميعُ ركودُ
وإذا انبرى منهم خطيبٌ ألهَمَتْ
أمريكِيا شِسعاً لهُ فيجودُ
الكلُّ عرّابٌ وكلٌّ قابعٌ
في خندقِ المحتَلِّ حيثُ يُريدُ
وعدُوُّهم أملُ الشعوبِ وهمُّهمْ
كُرسيُّهمْ ومعَ الهبوطِ صعودُ
فتَراهُمُ غرقى إلى أذنابِهِم
والبحرُ عارٌ والذنوبُ جُحُودُ
“بحرين” قد بانَ الخليطُ ولم يعُدْ
في القصرِ إلاّ للسقوطِ صَعيدُ
لا ماءَ يغسلُ عارَ مَنْ يعرى ولا
حتّى المحيطُ الأطلسيُّ يُفيدُ
يا أيُّها العربيُّ إنّكَ قِبلَةٌ
يرنو إليْها رُكَّعٌ وسُجودُ
فاذرَعْ رِقابَ المفترينَ فإنّهم
عارٌ عليكَ بَسُوسُهم وثَمودُ
موقع الدكتور مسلك ميمون