سجعية تأبين الشاعر الفلسطيني الكبير عز الدين المناصرة
في عينيكَ تنامُ سنوات الضّيمِ و التِّرحالِ./ نوماً عميقاً ليسَ له مثيلٌ بينَ كلِّ الأَمثالِ./ في عَينيكَ تقرَأُ كَلماتُ خُطَّتْ بِإجْلالِ./ كأنّها ظِلالٌ وارِفة و لكنْ لَيستْ بِالظلالِ./ كأنَّها عُمرٌ تَمادى بإصْرارٍ و انْفعالِ./ كأنَّها قولٌ فُصِّلَ في زَمنِ الانْفصالِ./ كأنَّها الحدّ بينَ الفِعلِ وزائفِ الأقوالِ./
في عينيكَ زنْبقاتُ الخَليلِ و الخَيالِ./ تضوَّعتْ بَشائرَ ودٍّ انْثالَ في انْثيال./ كحلمٍ عانقتهُ ولَهاً أجيالٌ بعدَ أجْيالِ./كحلمٍ و إنْ تَوارى عادَ لِكسْرِ الأغْلالِ./ كحلمٍ لا كالأحْلامِ و بارِقاتِِ الآمالِ./ كحلمٍ فاقَ الأحلامَ بجرأة و إقبالِ./
اليومَ إنْ عادتْ “جَفْرا” بِرَغبةِ الوِصالِ./ سَتخبرُها عَيناكَ المَلأى بِالأطلالِ./ أنّكَ كنتَ ها هُنا شِعراً و عزْمَ أبْطالِ./ و أنكَ حَرقتَ المَراكبَ بكلِّ الأحْوالِ./ و ارتقيتَ بدراً تُجْلي حُلكةَ اللَّيالي./ يا عنبَ الخليلِ و ياشمسَ كلّ الآصالِ./ رَحمكَ اللهُ و أتابكَ مَتوبةَ النِّضالِ./ فإنْ غِبتَ فذِكراكَ تعاودُنا في تِرحالِ./
شاعر ومفكر وناقد
وكان الراحل مناصرة، الذي توفي عن عمر يناهز 75 عاما، قد خرج للدراسة في العاصمة المصرية منتصف الستينيات من القرن الماضي، وتخرج فيها بعد نكسة حزيران/يونيو عام 1967، وتقطعت به السبل ليبقى خارج وطنه حتى رحيله، متنقلا بين هنغاريا (المجر) والجزائر ولبنان والأردن. اعلان
وهو شاعر وناقد ومفكر وإعلامي ومؤرخ، حصل على الدكتوراه في الأدب المقارن، عاد في السبعينيات إلى عمان وعمل بالإعلام، والتحق بالثورة الفلسطينية ببيروت؛ لكنه لم يكن قريبا من “القيادة”، ولا “السلطة الوطنية الفلسطينية” فيما بعد، وظل معارضا لمواقفها السياسية ونهجها.
ويقول في لقاء سابق مع الجزيرة نت “ولدت معارضا، وجاءت الحياة لتثبت لي صحة موقفي، فلا أستطيع بعد هذا العمر أن أكون جزءا من السلطة”.
ولم يكن مناصرة ينكر صراعا “خفيا أو معلنا” مع الشاعر محمود درويش، حيث يقول كنت الصديق الأقرب لدرويش في بيروت طيلة 10 سنوات؛ لكن “اختلفت معه في بعض المحطات حول ازدواجية موقفه السياسي وطبيعة الحوار مع المثقفين الإسرائيليين”.
اشتهر مناصرة بقصائده الرعوية والحيزيات و”الكنعانية”، وعد مع محمود درويش وسميح القاسم وتوفيق زياد من كبار شعراء فلسطين، وكتب في الفكر والتاريخ والنقد التشكيلي والسينمائي، وله العديد من المصطلحات المنحوتة، ومنها “النصاص” لوصف كتاب النص، و”القصيدة الخنثى” لوصف قصيدة النثر.
” الجزيرة “