من وحي ذكريات المكتبة..
كنت لم اتجاوز عقدي الأوّل إلا بسنتين أو ثلاثة.و أذكر أنّ اليوم كان يوم جمعة. قضيت الصّباح في المكتبة. كنت ولوعًا بقراءة قصص الأطفال و بخاصّة قصص عطية الابراشي. و لا أدري ما جعلني أنعزل في ركن يكاد لا يراني فيه أحد.. و فجأة أخذتني سنة من النّوم، فتوسدت الكتاب.. و لا أدري كيف مضى الوقت سريعًا. كلّ ما أدري أنّني استيقظت على أذان الجمعة . فلاحظت أن المكتبة معتمة أكثر، رغم وجود كوّة صغيرة في الأعلى. فقمت مرتعبًا، أتحسّس طريقي . فوجدت الجميع قد غادروا، و أنّ الباب مغلق. فمكثت في العتمة، و الاضطراب، و القلق.. إلى ما بعد الظّهر..
فانتابني الخوف…و بخاصّة أنّ القصّة التي كنت اقرأها تتعلّق بالجنّ و المَردة سامح الله عطية الإبراشي. و فجأة، سمعت صوت المفتاح يدور في قفل الباب. فاختبأت في ركني، راجيًا ألاّ يراني القيّم . و لكن لسوء حظه، و لأمر ما، جاء يتفقَّد المكان، فوقفت لأشرح له سبب وجودي . و لكنّه صاح مذعورًا، و هو يُبسمل، وفرَّ خارج المكتبة. فاندفعت خلفه. و حمدت الله أنّه لم يتمكن من معرفتي.. و لحد الآن يخامرني سؤال: ــ ما عساه حكى عن عفريت المكتبة ؟!