نصوص قصصية قصيرة جدًا للقاص إدريس البيض من المغرب، و ذلك من مجموعته : (و جوه و أقنعة) أقتطف منها التّالي:
1 ــ أمل
قالت لها الجدّة: لا تكوني محنونة ،ذاك الأخرق لن يعود أبدًا .حتّى تصير عصاي هذه شجرة .في جوف الّليل تسلّلت، غرَستها في الحديقة الخلفية .
2 ــ مناضل
تصبّب جبينه عرقًا بعد أن أكمل خطبته النّارية . وضع الورقة جانبًا و نظر إلى حذائه . باحثا عمّا يعيد إليه لمَعانَه . لم يجد غيرها يفي بلغرض.
3 مُفلس
صغد إلى الحافلة لا يملك إلا اثنتين. حافطة نقود فارغة و بقايا كرامة . في غمرة الزحام فقد الأولى على يد محترف. و حين صعد المراقبون سلبوا منه الثانية .
4 تكريم .
في حفل تتويجه شاعر المرأة لهذا العام. كان حريصًا على اصطحابها معه. و كانت هي حريصة على إخفاء الكَدمات.
5 الأب .
ككلّ صباح جلس قرب صغيرته يكلّمها . أخبرها بكلّ ما استجد عن العائلة و الأصدقاء. حدّثها عن نجاح أخيها في البكالوريا، و عن شفاء أمّها من وعكتها الصّحية . أخبرها كذلك أنّه ينوي بناء مسكن جديد للعائلة …
أخبرها بكلّ شيء… و عندما أنْهى حديثه معها ابتسمَ لها مُودّعًا، ثم قبَّل شاهد قبرها و انصرف .
6 أديب فيسبوكي
انتشر خبر فوزه بالجائزة ” الكبرى” و نالت نصوصه الكثير من” الأوراق النّقديه” فامتلأ البيت بالمهنئين: العائلة، الجيران، الأصدقاء، بقال الجي، الجزار.. الكلّ كان في الموعد، كلّ الدائنين .
7 لحم و لحم
كم كان لذيذًا طعم لحم الأرنب. المتبّل بابتسامة أمّي الشّاحبة .
تناولناه بعد جوع دام أسبوعًا كاملاً . تحت قصف من الطائرات. و العواصف الثّلحية، لكن أمّي كعادتها دائمًا ما تحد الحلول. أو كما تقول هي :” يأتينا الرّّزق من حيث لا نحتسب”.
أكلنا حدّ الشّبع و عدنا نبحث أنا و أخي الصّفير عن قطّته المَفقودَة .
8 ديمقراطية :
قالت أولاهن: زوجي يُناديني دومًا بالقطّة.
ردت الثّانية :زوجي أكثر رومانسية يشبّهني بالغزالة.
ابتسمت الثّالثة قائلة: و لأنّ زوجي ديمقراطي حداثي يُنعتني بالحبوان و يتركُ لي حرّية الاختيار .
9 عزلــة .
من نافذته الصّغيرة، يسرقُ النّظر إلى عوالم سُفلية مُغرية، يرتوي من معين حدائق دافئة، حتّى إذا استبدّ به الضّجر، ظمئًا يدفع كرسيه” المتحرك ” صوب ذات السّرير البارد .
10 وليمة .
طال ظلم الثّور للرّعية،
فخرجت “الثورة” مطالبة بالتّغيير.أشبَعها طعنًا بقرنيه. و أشبعته نطحًا حتّى خارت قوّاهما.
كمنت عشيرة الذّئاب غير بعيد .

