الرّائدة الدكتورة آمنة اللّوه نموذج المرأة المغربية المتميّزة


رحلت في صمت كما عاشت في صمت…
رحلت إلى دار البقاء الرائدة الأديبة الباحثة والمربية الفاضلة الدكتورة آمنة اللوه، يوم عيد الفطر 1436مسلمات هـ, 28 يوليوز 2015 بتطوان…
مثقفة وازنة وباحثة علمية رصينة، رائدة وهبت حياتها للقلم والبحث العلمي الرصين، ولعبت دورا هاما في النهضة الأدبية المغربية..
رائدة في مجال التربية والتعليم، ناضلت من أجل تعليم المرأة المغربية وتحريرها من الجهل والأمية …
رائدة في الحركة الوطنية، جاهدت بقلمها وفكرها من أجل استقلال وطنها ووحدته…
رائدة إعلامية، عبر برنامجها الإذاعي ” فتاة تطوان تخاطبكم..” الذي كانت تبثه إذاعة جبل درْسة بتطوان…
– ترجمة الكاتبة: دة / آمنة اللوه:
هي آمنة بنت عبد الكريم بن الحاج علي اللوه (1)، أديبة مغربية تنتمي إلى أسرة اللوه الشهيرة بقبيلة بَقَّيوة وسائر قبائل الريف..(2)
ولدت بمدينة الحسيمة سنة 1325هـ/1926م، وبها تلقت تعليمها الأول في الكُتّاب.. ثم انتقلت مع عائلتها إلى تطوان، حيث تأُسست أول مدرسة خاصة بالبنات (المدرسة رقم 1) انتسبت إليها، وبعد ثلاث سنوات حصلت على الشهادة الابتدائية، وكانت هي الأولى في دفعتها، ثم التحقت بقسم ثانوي تكميلي، ثم بمدرسة المعلمين وكانت الأولى أيضا في دفعتها..
تميزت المسيرة العلمية للكاتبة بالتفوق، حيث إنها احتلت المرتبة الأولى في:
الشهادة الابتدائية.
شهادة التخرج من مدرسة المعلمات بتطوان.
شهادة الإجازة ( الليسانس) من جامعة مدريد قسم علوم التربية والفلسفة والأدب. وهي أول فتاة مغربية تحصل على هذه الشهادة.
شهادة دكتوراه الدولة في الآداب من جامعة مدريد سنة 1978 وهي أول مغربية تحصل على هذه الشهادة.
أول مفتشة مغربية.
أول كاتبة مغربية تصدر رواية وتحصل على جائزة المغرب، عن روايتها “الملكة خناثة” عام 1954.
– أما عن مسيرتها العملية، فقد تقلبت في الوظائف التالية:
معلمة في التعليم الابتدائي، مدرسة البنات رقم 1 في تطوان، ثم مديرة لها، وهي أول مديرة مغربية لمدرسة.
أستاذة في التعليم الثانوي، بثانوية خديجة أم المؤمنين بتطوان.
أستاذة بمدرسة المعلمات بتطوان.
مديرة المعهد الثانوي بتطوان.
مفتشة التعليم الثانوي بالرباط، بعد انتقالها بعد الاستقلال سنة 1959 إلى الرباط..
أستاذة باحثة بمعهد التعريب بالرباط.
مكلفة بمهمة بوزارة الثقافة.
أستاذة باحثة بالمعهد الجامعي للبحث العلمي بالرباط.
مشاركة في ندوات أكاديمية المملكة المغربية بصفة خبيرة.
مذيعة في إذاعة درْسة بتطوان سنة 1946،حيث كانت تقدم كل أسبوع برنامجها ” فتاة تطوان تخاطبكم” / أو حديث الخميس.. تنوعت مواضيعها بين المجال الاجتماعي خاصة تعليم المرأة وتوعيتها.. والمجال الوطني، حيث كانت تعمل على التعبئة الوطنية ضد الاحتلال…
شاركت في المؤتمر النسوي العربي المنعقد في دمشق في شتنبر 1957 مع الأميرة عائشة (3)، كما شاركت في عدة مؤتمرات وندوات ومحاضرات ..(4)
– نماذج من كتاباتها:
بدأت الكتابة سنة 1946/1947، ولعل أول ما نشرت حسبما صرحت به إلى ذات مكالمة هاتفية مقالة “نحن والتعليم” في مجلة الأنيس بتطوان، سنة 1946، باسم مستعار ” فتاة الريف”…
– نشرت مقالاتها وأبحاثها العلمية الرصينة في صحف ومجلات مغربية كمجلة المعتمد والأنيس والأنوار وجريدة الريف بتطوان، ودعوة الحق والإيمان ومجلة البحث العلمي والثقافة المغربية وجريدة الصحراء المغربية بالرباط وجريدة المحجة بفاس وغيرها…
– كما ترجمت من الإسبانية إلى العربية أبحاثا علمية عديدة، منها:
حول استراتيجية النبأ عند المغاربة: (فصول مترجمة من كتاب Tres Sultanes a la profia de un reino للكاتب الصحفي الإسباني أنريك أركيس/مجلة البحث العلمي /الرباط ع 42/السنة 28/1414هــ 1515هـ/ 1994 ــ 1995/ ص141
نصوص إسبانية حول المغرب في القرن السادس عشر: كتاب الراهب خوان بوستيتا عن مولاي عبد الملك / تقديم وتعليق: مرسي دسغرثيا أرناك/ تعريب: دة آمنة اللوه/ مجلة البحث العلمي/ العدد34/ -1404 1405هــ/ 1984 – 1985 / ص113
فصول من كتاب (جولات بالمغرب) للرحالة الإسباني المعروف ببديع العباسي ( مخطوط ).
قرارات المجمع الكاثوليكي ودورها في الطرد النهائي للموري سكوس ( مخطوط)
قضية العرائش:من خلال كتاب: “LARACHE” لطوماس غرثيا فيغيراسكار لوسرودريغث خوليا/ منشورا يباع في مجلة البحث العلمي / الرباط / من العدد27 (1977) إلى العدد 28 (يوليوز 1977)
– إضافة إلى عدة مخطوطات لم تنشر بعد.. نأمل أن تتولى وزارة الثقافة نشرها، باعتبارها تمثل إرثا فكريا وطنيا….
-الجوائز والأوسمة التي حصلت عليها:
جائزة المغرب الأدبية من حكومة الشمال لسنة 1954 عن روايتها” المكلة خناثة”.
الوسام المهدوي من حكومة الشمال.
وسام العرش من درجة فارس لسنة 1988.
أنشطتها الثقافية والاجتماعية:
ساهمت بفعالية في نشر التعليم النسائي بشمال المغرب من خلال التدريس والأحاديث الإذاعية والمحاضرات والندوات..
تبنت قضية المرأة والدفاع عن حقوقها منذ نعومة أظفارها…
عضو في الوفد النسوي برئاسة الأميرة عائشة كريمة محمد الخامس في مؤتمر الاتحاد النسائي العربي المنعقد بدمشق سنة 1957، وهو أول مؤتمر تشارك فيه المرأة المغربية خارج الوطن..
عضو في عدة لجان للتعليم، منها اللجنة الملكية لإصلاح التعليم لقاء المعمورة الشهير.
انتدبت للقيام بمهمة دراسة لدى المدرسة المركزية للغات بمدريد، ومراكز أخرى مماثلة بتاريخ يناير 1970، وذلك من أجل الاطلاع على الأساليب الجديدة لتعليم اللغة للأجانب..
شاركت في عدة ملتقيات علمية وندوات ثقافية ودينية، بعضها ألقيت في مسجد السنة بالرباط في ذكرى رحيل بطل التحرير محمد الخامس..
عضو نشيط في العمل الخيري والاجتماعي في جمعية الانبعاث، ثم جمعية المواساة لرعاية اليتامى بالرباط، رفقة صديقتها مالكة الفاسية رحمهما الله…
في 1987، أوقفت بيتها الكبير في طنجة، مركز الدراسات القرآنية والبحث العلمي والعمل الخيري الإنساني ( جمعية التوعية الإسلامية)… وكانت ترعى بنفسها هذا المشروع العلمي والإنساني إلى أن توفاها الله…
وردت ترجمتها في عدة كتب ومجلات وصحف منها:
المعسول/ العلاّمة المختار السوسي / الجزء الثاني/ ص320
علام المغرب العربي/ عبد الوهاب بن منصور/ الطبعة الملكية/ 1399هــ 1979
معجم المطبوعات المغربية/ إدريس القيطوني/ مطابع سلا/ 1988 / ص312
مجلة الأنيس/ ع 96،عند تقديمها ترجمة للكاتبة بمناسبة فوزها بالجائزة الأولى عن روايتها “الملكة خناثة ” سنة 1954
آمنة اللوه: امرأة السنة والسنون/ د.عبد اللطيف شهبون/ جريدة الشمال/ ع507 / دجنبر2009 / ص13
– بعض الشهادات في حقها:
– يقول عنها حموها العلاّمة سيدي المختار السوسي: رحمه الله (وقد كانت زوجة أخيه الأديب الشاعر إبراهيم الإلغي رحمهم الله جميعا): “أتاح الله للمترجم (يعني إبراهيم الإلغي) سيدة عالمة لا نظير لها في فتياتنا … ولإلغ أن تشمخ بأن أعلم آنسة مغربية في فجر نهضتنا أضيفت إلى إلغ، وأضيفت إلغ إليها”(5)
– أما المؤرخ د. عبد الوهاب بن منصور فيخصها بالشهادة التالية:

“.. الحديث عن النموذج الأول للمرأة الكاتبة المتعلمة في المغرب هو ابن المنطقة الشمالية، بل ويكاد يكون رائد النهضة الأدبية النسائية في المغرب، وأعني به الأستاذة الباحثة آمنة اللوه، إحدى رائدات التعليم في فترات الاستعمار الإسباني للمنطقة الشمالية، وهي بقدراتها العلمية والأدبية تمثل بحق قدرات المرأة المغربية وطموحاتها وتوجهاتها في فترة عصيبة من تاريخ المغرب، وبعدها في فترات الاستقلال إلى اليوم ” (6)
– وفي شهادة لأستاذنا د. عبد اللطيف شهبون حفظه الله قوله:
” خلال عقود ظلت هذه المرأة الشمالية الريفية مشدودة إلى عالمها الأثير، عالم الكتابة الذي اختارته ملاذا وسلوانا.. وسبيلا إلى البث والبوح.. وما زالت مخلصة له حفظها الله برؤية ونفس صوفيين يقومان على إيمان بأن الدنيا حلم.. والآخرة يقظة.. وما بينهما موت.. ونحن في أضغاث أحلام” (7)
عالمة داعية عاشت رحمها الله في صمت.. بعيدة عن الأضواء والبهرجة..أذكر أنني اتصلت بها -بطلب من أستاذتي الدكتورة سعاد الناصر- لتكريمها في إطار أنشطة فرقة البحث في الإبداع النسائي بكلية آداب تطوان سنة 2011 .. فرفضت رفضا قاطعا.. وقالت لي بكل تواضع: “ما أنا إلا تراب.. لا أريد التكريم في هذه الحياة إلا من الله عز وجل…”
كرّمك الله عز وجل وأكرمك بالفردوس الأعلى مع سيدنا محمد [ .. وجعل علمك وعملك صدقة جارية عليك…
اللهم ارحمها رحمة واسعة.. إنا لله وإنا إليه راجعون

آمنة عبد الكريم اللوه، رائدة الأدب والصحافة بشمال المغرب في ذكرى رحيلها 18 /07/ 2015

و في مقال آحر للكاتبة فضيلةالوزانيالتهامي


فضيلة الوزاني التهامي

الحوار المتمدن-العدد: 6294 – 2019 / 7 / 18 – 17:11
المحور: الادب والفن
    


آمنة عبد الكريم اللوه
المعلمة ورائدة الأدب والصحافة بشمال المغرب
ونحن نمنح الريادة للأديبة الراحلة الدكتورة آمنة بنت عبد الكريم اللوه، لا نشك أن هذه السيدة تستحق هذه الصفة بالفعل ، مطمئنين تماما عدم ركوبنا موجة منح صفات بطولية لغير أهلها.
بعد صمت طويل، تردد اسم السيدة آمنة اللوه على الألسن، كان ذلك يوم السبت الثامن عشر من شهر يوليوز السنة الخامسة عشر بعد الألفين، بحاضرة تطوان خاصة، وقد نعت العائلات التطوانية خبر وفاتها بين أزقة المدينة القديمة والجديدة معا، وأعاد الخبر هذا الاسم إلى الأذهان، اسم لطالما تردد بين ردهات المدارس، وصالونات الأدب وأروقة الصحافة، وفي هذا اليوم وجنازة الراحلة تخرج من قوس باب العقلة تذكر أهل تطوان المرأة بكثير من الشجن والفخر معا.
الاسم والانتماء:
اسم آمنة اللوه، كان بإمكانه ألا يبرز للعلن في الأصل، إذا ما نظرنا إلى تاريخ ولادة صاحبته ومكان ولادتها، ففي بدية القرن الماضي، وبالضبط بالسادس والعشرين تسع مئة وألف الموافق لخمس وعشرين ثلاث مئة وألف هجرية (1926ـ 1325 ) وشمال المغرب يئن تحت نير الاستعمار الاسباني، غير بعيد عن الحسيمة وفي قرية تيغانيمن بقبيلة بقيوة، الغارقة في التقاليد والمكبلة بالأعراف الريفية، رأت آمنة نور الحياة، ببيت والدها عبد الكريم اللوه، ولحسن حظها أن والدها وذويه كان لهم حظ من العلم غير قليل، ومشاركة في الفكر والأدب والصحافة بمدينة الحسيمة؛ فوالدها هو أحد رفاق الأمير المناضل محمد بن عبد الكريم الخطابي، اشتغل بالسلك الدبلوماسي ، حيث كان مبعوثا للأمير الخطابي إلى انجلترا، وطنجة الدولية ممثلا للثورة الريفية، أما عمها العربي اللوه فهو أحد علماء الريف ذوي الشهرة هناك. وأمها السيدة رقية أحمد الخطابي هي إحدى بنات عم الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي، والتي وافتها المنية في سن متأخرة يوم الخامس من يناير ست وثمانين تسع مئة وألف(1986).

في طفولتها الأولى سيشهد الريف بشمال المغرب ما يسمى حملات إغارة واعتداء، مما اضطر الأسرة إلى مغادرة المدينة المتوسطية الصغيرة إلى مدينة متوسطية أكثر رحابة، فحلت بتطوان وسكنت بمدينتها العتيقة.
تطوان منطلقا لمسار العلم:
كان هذا التحول أول منعرج مضيء أمام آمنة الطفلة الريفية التي كانت تتكلم لغتها الريفية الأم وبعض العربية التي بدأت تتعلمها في الكتاب؛ فالتحقت بالمدرسة الابتدائية الأولى للبنات (مدرسة البنات رقم 1)التي أنشأت بتطوان، حيث حصلت على الشهادة الابتدائية في ثلاث سنوات، وكانت الأولى بين تلميذات دفعتها، وقد منحها هذا التفوق الحافز للالتحاق بالقسم الثانوي التكميلي، ثم ولجت بعدها مدرسة المعلمين والمعلمات، لتكون الأولى في دفعتها أيضا. وبحصولها على شهادة التخرج ستعين معلمة بمدرسة البنات الابتدائية رقم(1 ) أي نفس المدرسة التي دست بها، ثم بعد سنوات من التدريس رقيت إلى منصب مديرة لنفس المدرسة.
سرعان ما انتقلت آمنة للتدريس بالقسم الثانوي، بثانوية خديجة أم المؤمنين للبنات بمدينة تطوان دائما، ثم أستاذة بمدرسة المعلمين والمعلمات ثم مديرة لها، ثم مفتشة للتعليم الثانوي بالرباط حيث انتقلت إليها للسكن في السنة التاسعة والخمسين تسع مئة وألف(1959 ).
أثناء ممارستها لمهامها العملية لم تتوقف آمنة اللوه عن التحصيل، فالتحقت بجامعة مدريد بإسبانيا وحصلت بها على الإجازة بجامعة مدريد المركزية، قسم الفلسفة والآداب، في السنة السابعة والخمسين تسع مئة وألف(1957)).
ثم حصلت على الماستير بنفس القسم ببحث بعنوان(الطفولة المغربية)، وذلك سنة خمس وستين تسع مئة وألف(1965).
ثم سجلت بسلك الدكتواره في الآداب؛ قسم علوم التربية والفلسفة والآداب، وحصلت على هذه الشهادة بامتياز بأطروحة في موضوع (المدرسة العربية في شمال المغرب خلال النصف الأول من القرن العشرين) في السنة الثامنة والسبعين تسع مئة وألف(1987).
أيضا شاركت بقسم الأداب بالجامعة الأمريكية ببيروت، فرع التربية الفنية لتحصل على شهادة بها.
لم تتوقف آمنة اللوه عند مهمة التفتيش بل عملت باحثة بمعهد التعريب بالرباط، وباحثة بالمعهد الجامعي للبحث العلمي بالرباط أيضا، ثم سرعان ما سجلت حضورها بأكاديمية المملكة المغربية، بصفة خبيرة، وشاركت في عدة مؤتمرات وطنية ودولية بهذه الصفة.
كما أصبحت عضوا في اللجنة الملكية لإصلاح التعليم؛ هنا يقول عنها الأستاذ عبد الوهاب بن منصور مؤرخ المملكة:” لفتت إليها الأنظار بحذقها ونجابتها وهي تعلم، كما لفتتها وهي تتعلم” أعلام المغرب العربي، الجزء 1.
آمنة اللوه والصحافة:
أسهمت الكاتبة الإسبانية ترينا ميركادير؛ رئيسة تحرير مجلة ( المعتمد )، في ظهور شخصية آمنة اللوه الكاتبة والصحافية، بل كانت سببا في إدخالها لمضماري الكتابة والنشر، ترينا ميركادير التي كانت مقيمة بالعرائش، حرضت الشاعر إبراهيم الإلغي، وهو الأخ الشقيق للعلامة المختار السوسي، صاحب (الإلغيات) و(سوس العالمة) على الاتصال بها ودعوتها للتعاون مع المجلة، فسارع الشاعر الإيلغي إلى مراسلة الأستاذة الشابة، وتلتها مراسلات عديدة أثارت الإعجاب المتبادل بين الطرفين، فكان هذا الاتصال سببا مباشرا للاقتران بينهما وللتعاون في مجال الكتابة والنشر والحياة معا.
الاشتغال بالصحافة جعل آمنة في قلب الحركة الوطنية من أجل الاستقلال والتي كانت تتخذ من الإعلام المكتوب والمسموع وسيلة لبث أفكار المقاومة من أجل الاستقلال، وكان هذا سبيلها الأول للنضال من أجل نشر العلم والوعي بين صفوف المغاربة.
كان لآمنة اللوه حظ سابق في المشاركة بالعمل الصحفي المسموع، من خلال برنامج إذاعي يبث عبر أمواج إذاعة درسة الجهوية بتطوان، حيث ألف الناس كل خميس الاستماع إلى صوت فتاة في مقتبل العمر، عبر الأثير بعنوان “حديث الخميس” أو ” فتاة تطوان تخاطبكم” ؛ تنوعت مواضيعها بين المجال الاجتماعي خاصة في الحث على تعليم الفتيات، وتوعية المرأة وتهذيبها، و كذا المجال الوطني، حيث عملت على التعبئة الوطنية للنضال ضد الاحتلال، كان ذلك انطلاقا من السنة السادسة والأربعين تسع مئة وألف(1946)، بينما بدأت النشر في الإعلام المكتوب انطلاقا من السنة الموالية. وقد اختارت مقال: (نحن والتعليم) فاتحة خير لسلسة مقالات توالت بعدها بشكل مضطرد بمجلة (الأنيس) بتوقيع (فتاة الريف) والتي كانت تصدر من تطوان.
وسرعان ما سيبرز اسمها في مجلات وجرائد موازية مثل( المعتمد) و(الانوار)و(جريدة الريف) بتطوان، ثم مجلة (دعوة الحق) ومجلة(البحث العلمي) و(الثقافة المغربية) وجريدة (الصحراء المغربية) وكلها بالرباط، وجريدة(المحجة) بفاس وغيرها مما لا يحصى.
آمنة اللوه المترجمة:
دراسة آمنة اللوه باسبانيا وحصولها على شهادة الدكتوراه بالإسبانية خول لها أن تتطلع على الأدب المقارن، كما خول لها الاشتغال بالترجمة من الإسبانية إلى العربية، فترجمت أبحاثا علمية كثيرة منها:
ـ نصوص مترجمة من كتاب Tres Sultanes a la profia de un reino، للكاتب الإسباني إنريكسأريكس ، ومن تقديم الباحثة الإسبانية مرسيديس غرثيا أرنا كوالتي نشرتها، إتباعا بمجلة (البحث العلمي) بالرباط بسنوات 1414/1415 الموافق سنتي 1994/ 1995.
ونصوصا حول المغرب خلال القرن السادس عشر الميلادي، من كتاب للراهب الإسباني خوان بوستيتا حول السلطان عبد الملك السعدي، من تقديم الباحثة الإسبانية مرسيدس غرثياأناكو، والتي نشرت بمجلة ( البحث العلمي ) سنة 1404 1405 الموافق لسنة 1984/1985.
ـ قضية العرائش من خلال كتاب (LARACHE)، لطوماسغرثيا فيغيرا أوسكار لورودويغيث خوليا ، والتي نشرت بمجلة(البحث العلمي) بالرباط سنة 1977.
ـ كما ترجمت قرارات المجمع الكاثلوكي ودورها في الطرد النهائي للمورسكيين، ولازال هذا الكتاب مخطوطا.
ـ وفصول من كتاب (جولات المغرب) للرحالة الإسباني المعروف باسم بديع العباسي، وهو أيضا لازال مخطوطا.
الأنشطة الثقافية والاجتماعية:
ساهمت آمنة عبد الكريم اللوه في نشر التعليم بين صفوف الفتيات بشمال المغرب، من خلال التدريس والإدارة والتفتيش، كما شكلت أحاديثها الإذاعية الأسبوعية ومقالاتها إلهاما حقيقيا للأسرة من أجل الإقبال على تدريس بناتها وأبنائها، كما تبنت قضية الدفاع عن المرأة وكانت عضوا في الوفد النسوي برئاسة الأميرة لالة عائشة كريمة الملك محمد الخامس في مؤتمر الاتحاد النسائي العربي المنعقد بدمشق سنة سبع وخمسين تسع مئة وألف (1959)، وكان أول مؤتمر نسائي عالمي تشارك فيه المرأة المغربية خارج الوطن.
إنتاجها الأدبي والعلمي:
– الملكة خناتة: قرينة المولى إسماعيل؛ وهي رواية تاريخية تقرأ التاريخ المغربي من موقع نسوي وتعيد بناءه تخيليا في عمل إبداعي أدبي، لتعطي لوقائع التاريخ دلالة جديدة غير التي صاغتها التقاليد ذات النزوع الذكوري، والتي تعطي البطولة للرجل وتمتهن المرأة بمنحها أدوارا ثانوية ودونية( مزوار الإدريسي، عن مجلة العربي الجديد 2017) . وقد حلل هذا النص الروائي بصفته أول نص نسائي البشير القمري بمجلة المناهل عدد 44 من سنة 1994، قائلا: ” يكتسي هذا النص التأسيسي قيمته الوظيفية الاجتماعية والثقافية أولا لأن كاتبته تنتمي إلة جيل الأربعينات، وتنتسب إلى حقل الثقافة الوطنية المتعدد الأطراف” ؛ وقد حازت عنها جائزة المغرب في الآداب؛
– تاريخ التعليم العربي بأقاليم المغرب الشمالية بالإسبانية؛
– الطفولة المغربية ، بالإسبانية ؛
– مسرحية تمثيلية (كتاب محمد، أو إلى دار الأرقم)، لازالت مخطوطة؛
– مسرحية (أم سلمى)؛
– مذكرات شخصية بعنوان(حديث الذكريات)؛
– (من الملف المدرسي) مجموعة مقالات لم تنشر بعد؛
– شعراء العصر الذهبي الاسباني، مخطوط بالاسبانية؛
– فصول من كتاب (العرائش) مخطوط؛
– يوميات حرب الخليج بعنوان (أوراق ذاوية)؛
– دور المرأة العربية في الحياة السياسية بالأندلس، مخطوط؛
– كتاب (سيرة الخطابيين الورياكليين) مخطوط.
الأوسمة والتقديرات:
– حصلت الدكتورة أمنة عبد الكريم اللوه على جائزة المغرب للآداب، سنة( 1954) وهي أول امرأة تحصل على هذه الجائزة، وتعد أول امرأة روائية في المغرب الكبير؛
– وسام ما قبل الاستقلال؛ الوسام المهدوي من حكومة الشمال؛
– وسام العرش من درجة فارس بعد الاستقلال سنة (1988)؛
– لقب (امرأة السنة) من قبل جريدة (الشمال) سنة(2009)؛
نهاية مشرفة لمسار مشرف:
ستستقر السيدة آمنة عبد الكريم اللوه بمدينة طنجة بعد تقاعدها، حيث ستقتني بيتا كبيرا بها، وقد أوقفت هذا البيت للعمل الخيري في السنة التاسعة بعد الثمانين تسع مئة وألف(1989)، فحولته إلى مركز للدراسات القرآنية والبحث العلمي، وسكنت في غرفة بطابقه العلوي من أجل إدارة هذا العمل باسم (جمعية التوعية الإسلامية)، وظلت ترعى هذا المشروع الإنساني بعد وفاة زوجها الأستاذ الشاعر إبراهيم الإلغي، إلى أن وافتها المنية، فخملت إلى بيت عائلتها بتطوان، بباب الصعيدة حيث خرجت جنازتها وكان يوم عيد فطر.
عاشت الدكتورة آمنة بعيدة عن الأضواء في صمت اختياري، وفي رغبة من فرقة البحث في الأدب النسائي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة عبد المالك السعدي بتطوان، وجهت الأستاذة سعاد الناصر دعوة إلى المشمولة برحمة الله آمنة اللوه لتكريمها، فكان رفضها للتكريم رفض المؤمنة المسلمة أمرها لله تعالى، الزاهدة في متاع الدنيا وزيفها: ” ما أنا إلى تراب، لا أريد تكريما في هذه الحياة إلا من الله عز وجل”.
دة فضيلة الوزاني التهامي
باحثة وكاتبة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.