عند التجلي
وأنت بذمة الليل
تتزاحم
كما لو أنك بعصمة السؤال
تودع سرا بشجر الكلام
تتنازع ظلالك خشوعي
يترقرق الرحيل بكفي
قطرا فقطرا
يتنزل الليل
يعيد غزل الحكاية
تقاسيم بوح
ليخمد المراثي
وبرجع متباطئ
كما لو ان الطرقات تتعثر أرصفتها
تفيض الذكرى
توقف عزلة تستفيق
عند التجلي
كما لو ان مطرا يعاود مسه
يتحسس دمعة في الأفق
يطاول ريحا كالأنين
تقبض زخاته
كتهمة المراودة
وأنت بذمة الليل تتزاحم
لن أبذر زمنك بالعراء
حري بالصدف ان ترسمك شجرا
أزهر دون الأوان
وإن لا رطب أغارت
فأنت بالحلم تتبدى قصيدا
كما لو أنا ولدنا من بعضنا
فإن لم يسعك العمر
توال بالأزل مضاعفا
فلن يسقط برجك
جنة الاشتعال بماء المنافي
لأني سأشدوك طويلا
الشّاعرة المغربية نعيمة زايد/ ديوان حرقة السؤال
قال الأستاذ محمد فري في حق الشاعرة نعيمة زايد
هناك أشخاص لاتملك إلا أن تحبهم وتشعر بالألفة والتلقائية والعفوية معهم، حتى وغن لم تكن تعرفهم من قبل .. لعل هذا ما نسميه بالقبول، إذ هناك أشخاص يملكون أو يتمتعون بهذه الخاصية التي تدفع الآخرين إلى الانجذاب إليهم والتوق إلى معرفتهم .. ولعل هذا ما حدث لي مع الصديقة العزيزة نعيمة زايد، فأول معرفتي بها كانت على صفحات منتدى مطر الرقمي، الذي اتشرف بإدارته، وكانت معرفة أولى افتراضية طبعا، ولحظتها قلت مع نفسي: لن تكون هذه السيدة إلا طيبة، ولعل هذا القول يرتبط بحدس قد نتميز به في الحكم على الناس، أو قد يتميز به البعض فيعتمده مقياسا في التعامل مع الآخرين، وهو مقياس لايخيب في اغلب الآحوال .. فللحدس أهميته في تجلية وجلاء الرؤية والرؤيا، وهو كما تعلمون نوع من الظن والتخمين وتمثل للمعنى او الفكرة في النفس دفعة من غير قصد أو اختيار .. وهذا ما يتفق مع القولة المعروفة:” قلب المؤمن دليله ” .. واحمد الله تعالى لآعتقادي أنني أملك قلبا او حدسا لايخيب معه ظني في غالب الأحيان: إيجابا أو سلبا .. هكذا .. لم يخب حدسي أو ظني عندما التقيت أول مرة بالصديقة الفاضلة السيدة نعيمة زايد، كان ذلك منذ بضع سنين، وكانت المناسبة دعوة إلى لقاء ثقافي نظمته جمعية الأفق التربوي، وهي الجمعية التي تترأسها السيدة نعيمة زايد .. شددت الرحال كما يقولون إلى هذا اللقاء، وكان مكان انعقاده هو مركز وزارة الثقافة…….. ، ولم أكن أعرف العنوان جيدا، لكنني كعادتي ذهبت قبل الموعد لأحتمي بمسافة زمنية تسعفني في البحث القبلي عن عنوان اللقاء، وفعلا وصلت قبل الوقت بمدة غير وجيزة، وجلست أنتظر، وبعد فترة عاينت سيارة مقبلة، لتقف قبالتي وتنزل منها سيدة لم أدرك مباشرة أنها السيدة نعيمة، لأنه كان اول لقاء واقعي لي معها .. لكنها على العكس تعرفت علي، وأقبلت نحوي مرحبة ترحيبا كثيرا وكبيرا، أكبرت فيها هذا الموقف النبيل، وازداد إكباري بها عند عودتي من مكناس، ولم أكن أعرف كيف اتوجه إلى الطريق السيار، فما كان منها إلا أن ركبت سيارتها وطلبت مني ان أتبعها لتدلني على مكان الطريق .. فعلا هي إنسانة طيبة، وهي شهادة مني ليست مجانية، لأنها طيبوبة لا تخلو من إنسانية، عن الجانب الإنساني .. لايمكن الحديث عنها في هذا المجال دون ربط ذلك بالمجال الجمعوي التي تعتنقه إلى حد الإشباع، فهي نشيطة جدا في هذا المجال، وهي بالإضافة إلى عملها الحيوي كرئيسة لجمعيتها الأفق التربوي داخل مكناس، نرى لها أنشطة تمتد خارج مدينة مكناس إلى مدن اخرى مختلفة، ولا يمكن هنا التغاضي عن الجهد الجهيد الذي يتطلبه العمل الجمعوي، وهو ما يعرفه من يزاولون هذه المهمة، وهنا لايمكن إلا رفع تحية كبيرة للأخت نعيمة التي لاتتوانى عن الحركة المستمرة والمتعبة في هذا المجال .. في هذا السياق لابد من الإشارة إلى اللقاءات الثقافية الكثيرة التي عقدتها وأنجزتها، بما فيها لقاءات توقيع مؤلفات للكثير من الكتاب والشعراء، إضافة إلى حفلات تكريم على شرف عدد غير يسير من الكتاب .. في هذا المجال لابد لي أن أقدم لها شكري الجزيل على تكريمها لي وأنجازها لحفلات توقيع لمجموعتي القصصية الأولى والثانية .. وهو كرم منها لايمكنني أن أنساه..لابد أيضا أن أتحدث في هذا السياق عن إسهامها في توزيع مجموعتي الأولى، وهو عمل مشكور منها لأنها السيدة الوحيدة التي قدمت لي مثل هذه الخدمة.. هذا نموذج بسيط لجانبها الجمعوي والإنساني، ولا يمكنني أن أتحدث عن أمثلة أخرى في هذا المجال لأن هناك من يعرف عنها أكثر مما أعرف .. عن السيدة نعيمة زايد المثقفة يمكن التوقف عند جانبها الذوقي الفني الذي يتجلى في ميولها التشكيلية والشعرية، وهنا لايمكنني الفصل بين أعمالها الشعرية والتشكيلية لأن سمو الذوق قاسم مشترك بين هذين النشاطين، فهي ترسم مهتدية بذوق جميل سام، وهو نفس الذوق الذي تكتب به أشعارها، فهي كما تختار ألوانها بجمالية منسجمة، ترسم صورها الشعرية بأناقة واضحة وانسجام بين المعاني التي تتضمنها هذه الصور ..وفيض المشاعر والعواطف الوجدانية التي تسوقها .. طبعا لايمكنني أن أتحدث هنا بلغة الدارس المحلل أو الناقد المتفحص، لأنني هنا بصدد شهادة وليس بصدد دراسة مستفيضة، والشهادة تتطلب طبعا الانطلاق من المشاعر التلقائية والأحاسيس العفوية .. ولا أحد يعارض في كون التلقائية والعفوية عنوانا للصدق والبعد عن المجاملة المجانية .. لأنني هنا حاولت التعبير ما أمكن عما أحس به تجاه الصديقة العزيزة السيدة نعيمة زايد التي تشرفت بمعرفتها وصداقتها .. ويسرني هنا أن أختم بإهداء نص شعري أقدمه لها في هذه المناسبة: