غرناطة
أنا في غرناطةَ ـ المقهى،
وشمسُ الصُّبْح في عَيْنِيَّ،
لا ظل من الحمراء في وجهيَ،
مدَّ الشجر الواقف في الناصية الأقرب،
دفقاً من شعاعٍ مرَّ كالطيف بها
ظليَ في يومٍ له لَوْنُ حريق،
أوْ غناءٌ بلَّهُ في داخلي
منْسكب يجهشُ،
لا أنسامَ من حوليَ، هبَّتْ
في كؤوسي من شذىَ الحمراء
ـ كم أذكُرُـ روحٌ من رحيق.
وأرى ، في ما أرى، ساحة بستان أسود
لا حساب الوقت فيها كان يوماً، حين رفَّتْ بورود
لم يعد بستانها هذا ، الذي عنه تشيح العينُ،
يا آساد من يعبرنا اليوم إلى حيث مهاوٍ
في فم الوحش أو السقطة ما بين لحود.
وعلى الناصية العليا،
انتهى عند مجاهيل دجى
من وقفوا منبهرين،
بارتماء الشمس والأقمار والنجمِ
مدَى الآفاق على كرِّ سنين،
وأنا أكره أن أُنْهِضَ من ثائرة…
صاحبتْ ما يعرف العالمُ مني
وأنادي جهرة من يعبرون الصبحَ
من نوم الفراديس إلى
الصحو على اللاشيءِ:
يا سكرة وهْمٍ كان قد أذّن أنْ
يَجتاحَ من نَعْرفهم من لا يَعرفون.
فأضاؤوا الأرض قتلاً،
وكسوا من لونهم ساحاتِ
ما كانوا أدرِكوا أو يَحْلمون.
ثم شَبَّتْ ألسنٌ من إحَنٍ ما بينهمْ
بالنار والأحطاب حتى
دمَّروا ما شيَّدَتْ أوهامُهم منذ قرون،
ثم عادوا اليوم في جلسة ما أُبْصِرُهُ منْهُمْ
إلى النرد، أُرُشداً ذاك في أقصى الذي ظَنُّوهُ،
أم ثرثرةٌ أسمعُهُم ضجُّوا بها،
ما بينهم سراً و في ما يعلنون:
« لم يعد يجدي نهوضاً أنْ نصُدَّ الغاصبين « !!!
ها همُ اليوم هنا قد أوشكوا يُنجيهمُ من وهمِهِم
صوتي، فآبوا رغمَ مكْرِ الوقتِ فينا ،
رغم ما يومِضُ في عقلِ صِحابي من قرار الصحو:
ـ «فلنصحُ، …»
فلم يَسْمَعْ دعائي أحدٌ في الغابرين.
الشاعر : أحمد بنميمون
بتاريخ : 12/06/2020