الـ (ق ق ج) بين الإبهام و اللا قراءات

الـ (ق ق ج) بين الابهام و اللاقراءات

بدون نقدٍ حصيفٍ و موضوعي و فنّي ..لا يمكن الحديث عن فن من الفنون. سيحدث تراكم لا شك في ذلك، و لكن التّراكم لا يعني الصّفاء الفنّي، و لا مهارة الإبداع القصصيّ، و بخاصّة بالنّسبة لسردٍ في مرحلة التبّلور، و التّميز ، و التّفرّد…

أتابع العملية الإبداعية في مجال ( ق ق ج) حسب إمكاناتي الخاصّة، كما أتابع بعض القراءات التي تنجز من حين لأخر في هذا المجال.

و ألاحظ أنّ أغلب ما أصبح يُكتب من نصوص يلفّها ضبابٌ كثيف، و حبَّذا لو كان بسببِ الرّمز، فإنّ الرّمز الحقيقي يُفسح مجالا للتَّفسير و التَّأويل ..ما يتيح الفهم..و لكن الضّبابية و السَّديمية النّصية نتيجة اللّغة الموظفة، و غرائبية انتقاء ألفاظها و تراكيبها، و عبثية تناصها..ما يجعل المتلقي يقرأ ما يَعسرُ فهمه، و لا يُمكن إدْراكه…و كلُّ ذلك خوفًا من البَساطة و السّقوط في المباشرة.

و أعتقد أنَّ الاختيارين معا خطأ منهجيّ. و سوء تَصوّر للفعل القصصي,فلا الإبهام اللّّغوي و لا المباشرة و التّقريرية ( dénotatif) صالحة لبناء فنٍّ فصصي…و هذا يعني فيما يعنيه أنَّ القاص بَعدُ لم يستوعبْ دوره كقاص في مجال (ق ق ج). و لم يَرق بوعيه إلى استنطاق البناء القصصي و التّجانس و ميكانزماته الفاعلة ..

لأنّ (ق ق ج) بناء حكي منتظم، يَعتمد الايحاء، ( connotative) و يستفزّ الادراك، و يدعو إلى التّأمّل و التّساؤل.. في ظل مفارقة صادمة، لا تخلو من مفاجأة ، و غرابة..تشحن مفاصل النّص القصصيّ، و تُحيل إلى خَرجة تنتظم جملة من القراءات. لأنَّ كتابة النّص الفنّية تجعله متعدّد الدّلالات (Polysémie) و تحيله ـ لا محالة ـ على قواعد ونظم هرمنيوطيقية.

أمّا القراءات : ففي أغلبها لا ترقى إلى مستوى النّقد المنهجي و الفنّي، فمعظمها مجرّد انطباعات شَخصية، و اسقاطات فهمية ذاتية..ليس إلا . و أحيانًا كثيرة لا صلة لها بالنّص…

في الوقت الذي كان ينبغي لهذه القراءات أن تنصبَّ على معمار النّص، و علاماته اللّسانية، و معانيه الإيحائية، و تمظهراته الاحالية، و دوره الثيماتي، و التّصويري، و مساراته السيميائية.. و الاهتمام بالفعل الاقناعي (faire persuasif) واللّغة و الانحاء( grammaticalization ) ….

هذا فضلا عن مقاربة رصدية للوظائف السّردية : كالتّأثيرية، و الانعكاسية، و الشّعرية، و التّعينية ، و الوَصفية، و الايحائية ، و الاغرائية.. و الاهتمام بالتّناصية ، و المفارقة ، و الخرجة و النّص الموازي كالعنوان، و الأسْطرة و اليوتوبيا ، و الادهاش، ، و الغرابة … فأمور كهذه تغيب أو تكاد في معظم القراءات التي تتّسم بكثير من المجاملة. و الاسقاطات الذّاتية ..

فما أحوج (ق ق ج) للنّاقد المُحلل ( Analysant) . فوحده يمكن أن يقيم اعوجاج الفهم، و يعالج نقصه. و يثري العلم بالخصائص القصصية و وظائفها، و ابراز مميزاتها في إطار هذا الفنّ الجميل الذي قال عنه وليام تريفو: (..هو فنّ التقاط اللّمحة، و اللّحظة المتفجّرة بالمعنى .).

* مسلك *

One thought on “الـ (ق ق ج) بين الإبهام و اللا قراءات

اترك رداً على سامي علاوي كاظم إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.