من روائع الشعر ..هذه القصيدة لأصحاب الذوق والحس المرهف من أروع وأبدع القصائد التي قد تسمعها . هذه القصيدة قالها الشاعر السوري الراحل الاستاذ/ عمر بهاء الدين الأميري في الحنين رحمه الله .قالها عندما سافر أبناؤه الصغار الثمانية إلى حلب وبقيّ وحيدا في خلوة شعرية، فاجاد في هذه الأبيات المؤثر والراقية..
القصيدة ترجمت إلى عدة لغات.. وقد قال عباس محمود العقاد عن هذه القصيدة : “لو كان للأدب العالمي ديوان لكانت هذه القصيدة في طليعته “*
أين الضَجِيجُ العَذْبُ والشَغَبُ *** أين التدارسُ شَابَهُ اللّعـــــــبُ ّ
أين الطفولةُ في تَوقُدِهــــــــا *** أين الدُّمى في الأرضِ والكتبُ
أين التشاكسُ دون ما غَرَضِ*** أين التَشاكي ما له سبــــــــــــــبُ
أين التباكي والتضاحكُ في *** وقتٍ معاً.. والحُزُن والطَــــــــربُ
أين التسابقُ في مجُاورَتي *** شَغَفاً إذا أكلوا وإن شَرِبــــــــــــــوا
يتزاحمون على مجالستـي *** والقربِ منّي حيثما انقلبــــــــــــوا
يتوجّهون بسوق فطرتهم *** نحوي إذا رهبوا وإن رَغبـــــــــــــــوا
فنشيدهمْ بابا إذا طَرِبـوا *** وَوَعِيدُهم بابا إذا غضبــــــــــــــــــوا
وهتافهم بابا إذا ابتعدوا *** ونَجِيُّهم باب ا إذا اقتربـــــــــــــــــــوا
بالأمس كانوا ملءَ منزلنا*** و اليوم وَيْحَ اليوم قَدْ ذهبـــــــــوا
وكأنّما الصّمت الذي هبطت
أثقاله في الدّار إذ غربــــــــــــــــــــــــــوا
إغفاءَةُ المَحْمُومِ هَدْأَتُها *** فيها يشيع الهَمُّ والتَّعَـــــــــــــــبُ
ذهبوا أجل ذهبوا ومسكنهم
في القلب ما شطّوا وما قربـــــــــــوا
إني أراهم أينما اتجهت*** عَيني وقد سَكَنوا وقد وثَبــــــــوا
وأُحس في خَلدي تلاعبهم
في الدار ليس ينالهم نصــــــــــــبُ
وبريق أعينهم، إذا ظفروا
ودموع حرقتهم إذا غلبـــــــــــــــــــوا
في كل رُكْنٍ منهمُ أثَـــــرٌ
وبكلّ زاويةٍ لهم صَخَــــــــــــــــــــــــــــبُ
في النَافذاتِ زُجاجها حطمو
في الحائط المدهون قد ثَقَبُـــوا
في الباب قد كَسروا مَزالجه
وعليه قد رسموا وقد كتبـــــــوا
في الصَحْنِ فيه بعض ما أَكلوا
في عُلبة الحلوى التي نهَبـــوا
في الشَطْرِ من تُفاحةٍ قضموا
في فضلة الماء التي سَكبــــــوا
إني أَراهُم أيْنما التفتـت *** نَفْسي كأسْراب القَطا سَرَبوا
بالأَمس في قرنايل نزلوا*** واليوم قد ضَمتْهُمُ حَلـــــــبُ
دمعي الذي كتّمته جَلَداً *** لما تَباكَوْا عندما رَكِبُـــــــــــوا
حتى إِذا سَارُوا وقد نَزَعوا*** من أضلعي قَلْبَاً بهم يَجِبُ
أَلْفَيتُني كالطّفل عاطفةً *** فإذا به كالغيث ينسكــــــبُ
قد يعجب العُذَّال من رجلٍ
يبكي ولو لم أبك فالعجـــــــبُ
هيهات ما كل البُكا خَـــــوَرٌ
إني وبي عَزْمُ الرّجـــــــــــــــال أَبُ