الحدود بين الدول العربية منذ ظهور الإسلام وإلى يومنا هذا

 

الحدود بين الدول العربية منذ ظهور الإسلام وحتى يومنا هذا؟

 

الشكل الحالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الناطق باللغة العربية شهد عددًا كبيرًا من التطورات والتغييرات عبر الزمن حتى وصلنا لما نحن عليه حالياً.

نقدم هنا تسلسلًا زمنيًا لتطور الحدود بين الدول العربية منذ الدولتين الفارسية والبيزنطية وحتى يومنا هذا لنعرف ما استجد على منطقتنا العربية وتأثير الاحتلال والغزو الأوروبي علينا.

١- ظهور الإسلام

مع بداية ظهور الإسلام كان الوطن العربي مقسماً لثلاث مناطق، الأولى كانت تخضع للدولة البيزنطية وتضم الشام ومصر وشمال أفريقيا. الجزء الثاني كان تابعاً للدولة الفارسية ويضم العراق. الجزء الأخير كان شبه الجزيرة العربية والذي كان عبارة عن قبائل متناثرة تدور بينها الحروب وتتواصل من خلال التجارة حيث بدأ الإسلام يظهر في منطقة الحجاز ويتوسع تدريجيًا منذ عام ٦٣٣م.

       

٢- الخلفاء الراشدون

في عهد الخلفاء الراشدين، أي حوالي عام ٦٥٥م، انصهرت كل من الجزيرة العربية والعراق والشام ومصر وليبيا في كيان واحد ودولة واحدة دون قيود.
       

٣- الدولة الأموية

عام ٧٥٠م، وصلت الدولة الأموية لأقصى اتساع لها. هنا أصبحت كافة الدولة العربية تقريبًا جزءاً واحدًا دون أي حدود. أصبحت الدول العربية مجرد ولايات (أو محافظات بمفهوم عصرنا الحديث) وبالتالي يستطيع كل شخص التنقل لأي ولاية بحرية مطلقة.

       

٤- الدولة العباسية

عام ٨٥٠م، وفي ظل الخلافة العباسية ظلت الدول العربية كما هي دون حدود، ورغم بقاء منطقة شمال أفريقيا (المغرب والجزائر حالياً) في أيدي الأمويين، لم تكن هناك قيود في التنقل أو حدود فاصلة.

       

٥- الدولة الفاطمية

في حدود عام ١٠٠٠م، سيطرت الدولة الفاطمية على جميع الأجزاء الإفريقية من الدول العربية بالإضافة إلى الشام والحجاز، فيما بقي الجانب الشرقي من الدولة الإسلامية في أيدي العباسيين، لكن بقيت حرية التنقل والحركة للمواطنين محفوظة كما هي دون قيود فعلية ودون وجود حدود واضحة بمفهومنا الحديث.

       

٦- الأقاليم والدول المستقلة

بعد ذلك الوقت وحتى نهاية الخلافة العباسية على أيدي التتار عام ١٢٥٨م، ظهر عدد من الأقاليم ذات السيادة المستقلة بشكل واضح. تتابع الطولونيون ثم الإخشيديون ثم المماليك على مصر. وتتابع الأغالبة والعبيديون على تونس. وتتابع الأدارسة ثم المرابطون ثم الموحدون على منطقة المغرب العربي. وتواجد البويهيون في العراق. والحمدانيون في الشام. والقرامطة في أقصى شرق الجزيرة العربية. وتتابعت الدولة الصليحية ثم الطاهرية ثم الأيوبية والرسولية على اليمن.

بدأ تمايز نسبي في الأقاليم العربية، ويرجع ذلك للطبيعة الجغرافية التي تسمح بوجود فواصل نسبية بين هذه الأقاليم وبعضها البعض. لكن مع ذلك ظلت هناك حرية حركة لعامة الشعب بين هذه الأقاليم وبعضها البعض.

٧- بداية الدولة العثمانية

بدأت الدولة العثمانية تمد سيطرتها على الأقاليم العربية وتعيد دمجها منذ عام ١٢٩٩م، حتى وصلت لأقصى اتساعها حوالي عام ١٦٨٠م.

ويعود أحد الأسباب الرئيسية لبدء تفكك المنطقة العربية لدويلات صغيرة هو عدم هيمنة الدولة العثمانية وفرض سيطرتها على كافة المناطق العربية مما أتاح الفرص للتدخلات الأجنبية.

فيُلاحظ هنا أن الدولة العثمانية لم تفرض سيطرتها على كامل أنحاء اليمن وبقيت محصورة في مناطق زبيد والمخا وعدن طيلة فترة وجودها، أما المرتفعات الشمالية فلم تكن مستقرة.

لم تكن المغرب تحت حكم العثمانيين وظلت تحت حكم عدد من السلالات المغربية مثل السعديين ثم العلويين الذين تمكنوا من استرداد طنجة من الاحتلال الإنكليزي الذي تبع الاحتلال الإسباني لها.

أيضاً لم تتمكن الدولة العثمانية من فرض هيمنتها على جنوب شرق الجزيرة العربية (الإمارات العربية وعمان وقطر).

ولم تُثِرْ أغلب المناطق التي كونت المملكة العربية السعودية فيما بعد اهتمام العثمانيين – ولا الدول الاستعمارية لاحقاً – بسبب وجود قبائل بدوية غير ذات ثقل.

       

8- التقسيم الإداري للدولة العثمانية

تقسيم الدولة العثمانية للمناطق العربية الخاضعة لها إلى ولايات، ساعد على تكوين شخصيات مستقلة للدول العربية في فترات ضعف الحكم العثماني، خصوصاً مع تركيز الدولة العثمانية على صراعاتها مع الدول الأوروبية. ففي الجزء الأفريقي، كانت هناك ولاية مصر وولاية طرابلس (والتي أصبحت ليبيا فيما بعد) وولاية تونس وولاية الجزائر وولاية النوبة (والتي أصبحت السودان فيما بعد).

9- عصر الاستكشافات الأوروبية

في القرن الخامس عشر بدأت الرحلات البرتغالية الاستكشافية حول العالم، واستطاع البرتغاليون الوصول لمنطقة الخليج العربي، لتبدأ المراحل الاستعمارية للدول العربية، حيث سيطرت البرتغال على سواحل الخليج العربي وجنوب شبه الجزيرة العربي، وتقارب البرتغاليون مع الدولة الصفوية – التي كانت تسيطر على أجزاء من العراق وشرق الجزيرة العربية – بعد هزيمتها من قبل الدولة العثمانية لإعادة السيطرة على العديد من القواعد في الخليج العربي من بينها البحرين ومسقط والإمارات والبحرين.

كما نشأ في القرن السادس عشر، صراع بحري بين الدول الأوروبية والدولة العثمانية في حوض البحر المتوسط، حيث تمكنت إسبانيا من السيطرة على مناطق في شمال إفريقيا مثل مدن الجزائر وسبتة وطنجة وتلمسان والمرسى الكبير ووهران وبجاية وطرابلس.

       

١٠- ضعف الدولة العثمانية

تميز القرنان السادس عشر والسابع عشر بحالات متبادلة من الضعف والقوة للدولة العثمانية مما جعل عددًا من المناطق تثور ضد العثمانيين مثل اليمن ومصر ومراكش بسبب سياسات العثمانيين. كذلك فإن عددًا من المناطق وقعت تحت الاحتلال الإسباني والبرتغالي والإنكليزي وتمكن العثمانيون من استعادتها لتقع مرة أخرى في يد الاستعمار وهكذا.

       

١١- الحركات الانفصالية

في أواخر القرن الثامن عشر وبدايات القرن التاسع عشر، بدأ الضعف يدب تدريجياً في كيان الدولة العثمانية. أدى ذلك إلى ظهور حركات انفصالية، كما أدت إلى بداية حقبة استعمارية للدول العربية.

تكونت دولة آل الصباح في الكويت، وقامت دولة البوسعيد في سلطنة عمان (هي الحاكمة حتى يومنا هذا)، وظهرت دولة الأئمة الزيدية في مناطق من اليمن، وبدأت تتكون دولة آل سعود في منتصف الجزيرة العربية مع ظهور محمد بن عبد الوهاب، وكانت ليبيا تحت حكم الدولة القرمانلية، وكانت كل من تونس والجزائر تحت حكم الدايات، وحكم المغرب سلالة العلويين الفيلاليين الذين بقوا يحكمون المغرب حتى الآن.

       

12- الحقبة الاستعمارية

مع بدايات القرن التاسع عشر بدأت المرحلة الاستعمارية للدول الأوروبية في المناطق العربية وسط تراجع واضح لسيطرة الدولة العثمانية، لتبدأ الحدود الافتراضية تظهر بين أقاليم الوطن العربي المختلفة.

في عام 1871م، ظلت العراق والشام وبلاد الحجاز تحت الحكم العثماني، وسقطت ليبيا وتونس من جديد تحت الهيمنة العثمانية، ووقعت الجزائر تحت الاستعمار الفرنسي، وتكونت إمبراطورية مصر والسودان، تحت قيادة محمد علي باشا والتي كانت تابعة للدولة العثمانية ظاهرياً لكنها فعلياً أصبحت تملك استقلالًا نسبيًا.

       

13- القرن العشرون

مع بدايات القرن العشرين سقطت أغلب المناطق العربية تحت الاستعمار الأجنبي، وتسبب هذا الاستعمار وتنوعه بين الإنجليز والفرنسيين والإيطاليين في نشأة الدول العربية بشكلها الحديث طبقاً لكل منطقة سقطت تحت الاستعمار.

وقعت مصر والسودان وشمال الصومال وجنوب اليمن وسلطنة عمان والإمارات العربية المتحدة والكويت تحت الاحتلال البريطاني. كما كانت جنوب الصومال وليبيا تحت الحكم الإيطالي، ووقعت تونس والمغرب والجزائر تحت الاحتلال الفرنسي، ووقعت بعض الأجزاء الشمالية من المغرب تحت الحكم الإسباني.

فيما ظلت بلاد الشام وبلاد الحجاز والعراق تحت سيطرة الدولة العثمانية.

14- الحرب العالمية الأولى

عام 1916م وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى بهزيمة الدولة العثمانية، وقعت بريطانيا وفرنسا اتفاقاً سرياً تحت مسمى اتفاقية سايكس بيكو يحدد مناطق سيطرة ونفوذ كلا الطرفين على منطقة الهلال الخصيب التي كانت تحت الحكم العثماني آنذاك.

أصبحت لبنان تحت الإدارة المباشرة لفرنسا فيما أصبحت سوريا منطقة نفوذ فرنسي. وعلى الجانب الآخر أصبحت العراق والكويت تحت الإدارة البريطانية المباشرة فيما أصبحت الأردن وشمال السعودية تحت النفوذ البريطاني. وبقيت فلسطين منطقة محايدة.

       

14- بعد الحرب العالمية الثانية

في الخمسينات من القرن العشرين وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، بدأت الدول العربية تتخلص تدريجياً من الاستعمار الأجنبي، وبدأ كل جزء يتمكن من الحصول على استقلاله يكون دولته الخاصة.

ظهرت دول مصر والسودان وليبيا وتونس والمغرب والصومال شمال اليمن وعمان والأردن والعراق ولبنان وسوريا. فيما بقيت كل من الإمارات والكويت وجنوب اليمن تحت الاحتلال البريطاني، وبقيت الجزائر تحت الحكم الفرنسي.

15- مرحلة التحرر العربي

(الوضع الحالى)

       

بدأت باقي المناطق العربية تتحرر تدريجياً لتصبح كافة المناطق العربية محررة لكنها مفككة إلى دويلات، ولم تبقَ غير فلسطين التي لاتزال تحت الاحتلال الإسرائيلي حتى يومنا هذا.

رأيكم يهمنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.