د. هادي حسن حمودي١٣ مارس ٢٠١٦ ·
يكتب الأخ الودود (Idris Alzakwani)
السلام عليكم أستاذي
أي التعبيرين صحيح أنهيت العمل بالليل أو أنهيت العمل في الليل
تعودنا على إستخدام في قبل الليل لكن الله سبحانه وتعالى يقول وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار
أو أن التعبيرين صحيحان؟.
أبدأ بالشكر والاعتذار عن التأخر في الإجابة لانشغال كان لا بد من إنهائه، ثم أقول:
إن التنزيل العزيز استعمل الباء كما في (وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار).
وكذلك استعمل (في) كقوله: (ألم تر أن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل). وأيضا: (ألم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه) وكذلك (إنا أنزلناه في ليلة القدر).. وغيرها
فهل يوجد فرق بينهما؟ أم يمكن أن يكون حرف قد (تضمن) معنى حرف آخر؟
أما التضمين فلا سبيل إليه لوجود فرق بينهما، يدلنا عليه تحليل أساليب التعبير اللغوي.
فمن معاني الباء التي ذكرها القدماء (الإلصاق) كما في (أمسكت بالكتاب). كأن يدك ملتصقة بالكتاب.
ولما كان من الصعب إلى حد ما استعمال لفظ مادي (الإلصاق) لشرح صورة غير مادية كما في الآيات، فسأقرب الموضوع بمثال مادي: تقول: (تدثرت بالغطاء) ولا يصح قولك (تدثرت في الغطاء) لأن التدثر هو أن تلتف بالغطاء بحيث يلامس جسمك تماما بلا فراغ بينكما. وهو معنى (التدثر) أما (في الغطاء) فتعني ثمة فسحة بينك وبين الغطاء، وهذا يناقض معنى التدثر.
(يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار) في أية ثانية من الثواني وفي أي مكان. التعبير شامل ومطلق. فأنتم مرتهنون بالزمن ملتصقون به، والله يعلم أين أنتم وماذا تفعلون مهما تخفيتم. هذا تعبير عن دقة شاملة فأنتم ملتصقون بقدرة الله عليكم لا تملكون منها فكاكا.
أما الآيات التي فيها (في) فليس فيها ذلك الالتصاق. ولوج الليل في النهار أو نزول القرآن في ليلة القدر، لا يقتضي ذلك الالتصاق التام بين الحدث والزمن. فهما كأية واقعة تقع في ذلك الظرف من الزمن.